للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث صفوان بن عسال في المسح على الخفين من الغائط والبول والنوم]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الوضوء من الغائط والبول.

أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: أنبأنا خالد قال: حدثنا شعبة عن عاصم أنه سمع زر بن حبيش يحدث قال: (أتيت رجلاً يدعى صفوان بن عسال فقعدت على بابه، فخرج فقال: ما شأنك؟ قلت: أطلب العلم.

قال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب.

فقال: عن أي شيء تسأل؟ قلت: عن الخفين.

قال: كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أمرنا ألا ننزعه ثلاثاً إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم)].

هذا الحديث فيه أن زر بن حبيش حرص على طلب العلم، وكان من التابعين، فجلس على باب صفوان بن عسال الصحابي الجليل، فلما خرج قال: ما جاء بك؟ قال: جئت أطلب العلم، فقال صفوان: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب.

وهذا له حكم الرفع؛ لأن هذا لا يمكن أن يقوله صفوان رضي الله عنه من عند نفسه.

والقاعدة أن الصحابي إذا قال قولاً لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع، وإذا كان لا يأخذ عن بني إسرائيل، وصفوان ليس معروفاً بالأخذ عن بني إسرائيل، فيحمل على أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىً بما يطلب)، وأبلغ من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) رواه مسلم في صحيحه.

وهذا فيه فضل العلم، فـ زر بن حبيش جلس عند باب صفوان حتى يخرج ليسأله، ويعتبر هذا من العلم، لأن العلم يؤخذ من أفواه العلماء عن طريق السؤال كذلك، فإذا سألت أحد العلماء ثم أفتاك فهذا علم، أو قرأت في كتاب من الكتب المعتبرة واستفدت فهذا من العلم، أو حضرت الدرس وسمعت فهذا من العلم.

قوله: [فقال: عن أي شيء تسأل؟ قلت: عن الخفين.

قال: كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أمرنا ألا ننزعه ثلاثاً إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم].

هذا فيه وجوب الوضوء من الغائط والبول والنوم، وفيه مشروعية المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام بلياليها، وأنه يمسح على الخفين من البول والغائط والنوم، وأنه يجب خلع الخفين للجنابة، فهذه الأحكام الثلاثة كلها مأخوذة من الحديث.

فالحديث فيه ما ترجم له المؤلف من الوضوء من الغائط والبول، وكذا النوم يوجب الوضوء، وفيه أن البول والغائط والنوم كل ذلك لا يوجب الغسل، وفيه مشروعية المسح على الخفين، وأن المسافر يمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها، وأما المقيم فيمسح يوماً وليلة، كما في حديث علي: (للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة).

وفيه أن الخفين يجب خلعهما من الجنابة ولا يجوز المسح عليهما؛ لأن الجنابة يجب فيها تعميم البدن بالغسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>