للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسانيد حديث عائشة في استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي هذا من كتابه أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي من حفظه قال: حدثنا محمد بن عمرو عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: (أن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها كانت تستحاض، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن دم الحيض دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي).

قال أبو عبد الرحمن: قد روى هذا الحديث غير واحد، لم يذكر أحد منهم ما ذكره ابن أبي عدي.

والله تعالى أعلم].

يعني: أن ابن أبي عدي روى هذا الحديث عن محمد بن عمرو عن ابن شهاب عن عروة بزيادة (توضئي لكل صلاة)، وغيره لم يذكر هذه الزيادة.

وبعضهم قال: إذا كانت الزيادة غير مخالفة والراوي ثقة فإنها مقبولة، والزيادة من الثقة مقبولة، وابن أبي عدي ثقة، وهذه الزيادة فيها فائدتان: الأولى: أنها تغتسل إذا انتهت أيام الحيض، والثانية: أنها تغتسل في كل صلاة، وهي بهذا ليست مخالفة.

لكن بعضهم قال: لا يعمل بالزيادة، فإذا كان الذي زادها خالف الأكثر وخالف الأحفظ، فالعبرة بقول الأكثر والأحفظ، كما مر في مقدمة ابن الصلاح.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي قال: حدثنا حماد - وهو ابن زيد - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (استحيضت فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر الدم وتوضئي، فإنما ذلك عرق وليست بالحيضة، قيل له: فالغسل؟ قال: ذلك لا يشك فيه أحد)].

الغسل بعد انتهاء مدة الحيض لا شك فيه، ولا بد منه، ولا تصح الصلاة إلا به.

[قال أبو عبد الرحمن رحمه الله: لا أعلم أحداً ذكر في هذا الحديث: (وتوضئي) غير حماد بن زيد، وقد روى غير واحد عن هشام ولم يذكر فيه: (وتوضئي)].

يعني: أنه انفرد بهذه الرواية عن هشام من بين تلاميذه، وهذه زيادة ثقة، وليست مخالفة، وعلى قول المتأخرين كالحافظ ابن حجر وغيره تكون مقبولة.

وإنما تكون شاذة إذا خالف راويها، وهو هنا لم يخالف.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قالت فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: يا رسول الله! لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي)].

أي: لأنها معتادة، وإذا كانت معتادة تعمل بالعادة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأشعث قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: سمعت هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله! إني لا أطهر، أفأترك الصلاة؟ قال: لا؛ إنما هو عرق).

قال خالد فيما قرأت عليه: (وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي)].

وهذه الأحاديث كلها صريحة في أن المعتادة تعمل بالعادة، وأنها لا تترك الصلاة مدة الدم كلها، وإنما تترك الصلاة مدة عادتها إذا كان لها عادة، وإن لم يكن لها عادة تعمل بالتمييز الصالح، فإن لم يكن لها تمييز ولا عادة تحيضت في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام على عادة النساء من أول كل شهر، كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الأخرى، ثم تصلي بقية الأيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>