للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرخصة في الاغتسال بفضل الجنب]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في ذلك.

أخبرنا محمد بن بشار عن محمد قال: حدثنا شعبة عن عاصم (ح) وأخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن عاصم عن معاذة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، يبادرني وأبادره حتى يقول: دعي لي، وأقول أنا: دع لي) قال سويد: يبادرني وأبادره، فأقول: دع لي، دع لي].

هذا من حسن خلقه عليه السلام يلاطف أهله فيقول: (دعي لي، وتقول: دع لي)؛ وهذا الحديث فيه رخصة اغتسال الرجل بفضل المرأة؛ لأنها إذا اغترفت صار فضلاً لها، والأول فيه النهي، والجمع بينهما كما سبق: أن النهي للتنزيه، وحديث عائشة لبيان الجواز، والذي صرفه عن التحريم إلى التنزيه اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة.

وحديث: (أو يغتسل الرجل بفضل المرأة والمرأة بفضل الرجل وليغترفا جميعاً).

ظاهره أنه إذا اغترفا لا يكون فضلة، لكن جاء في الحديث الآخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء وتوضأ بفضل الماء الذي اغتسلت منه بعض أزواجه)، فهو محمول عل التنزيه، والوضوء والغسل حكمهما واحد.

وحديث النهي عن الامتشاط الأقرب أنه للتنزيه؛ لأن فيه الترفه، فيكره للإنسان أن يترفه ويتنعم بحيث ليس له هم إلا نفسه، فبعض الناس يشتغل عن الأمور الهامة بالأشياء التافهة، ويترفه في كل شيء، فيسرف في نقاء الثياب وبياضها، يسرف في تلميع السيارة، وما أشبه ذلك، وكل هذا من باب الترفه، فيشغله الترفه عن الأمور المهمة، والإنسان ينبغي عليه أن يعتني بالأمور المهمة، أما التوافه فلا يشغل نفسه ويضيع وقته فيها، ولا بأس أن يمارسها الشخص لكن بدون إسراف وبدون ترفه، ولا يعني هذا أن يلبس ثياباً وسخة، أو ثياباً مخرقة وقد أنعم الله عليه، فإن الله جميل يحب الجمال، لكن مع ذلك لا تسرف وتضيع الأوقات كلها في تعديل الثوب، وتعديل الغترة، وتلميع السيارة، لا هذا ولا هذا بل كن وسطاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>