للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث عمار: (بعثني رسول الله في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: تيمم الجنب.

أخبرنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن شقيق قال: (كنت جالساً مع عبد الله وأبي موسى فقال: أبو موسى: أو لم تسمع قول عمار لـ عمر: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول هكذا: فضرب بيديه على الأرض ضربة فمسح كفيه ثم نفضهما، ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على كفيه ووجهه، فقال عبد الله: أو لم تر عمر لم يقنع بقول عمار؟!)].

هذا الحديث في الصحيحين، وفيه أن هذا القصة حصلت لـ أبي موسى الأشعري وعبد الله بن مسعود، كما حصلت لـ عمار وعمر، وكان عبد الله بن مسعود يرى أنه لا يتيمم حتى يجد الماء، وأبو موسى يرى أنه يتيمم؛ لأنَّه جاء ما يدل على توضيح القصة أكثر من هذا، وأن ابن مسعود قال: إذا لم يجد الماء لا يصلي، فقال له أبو موسى: (أولم تسمع قول عمار لـ عمر: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد) إلى آخر الحديث، فقال عبد الله بن مسعود لـ أبي موسى: (أولم تر عمر لم يقنع بقول عمار؟!)، فهو لم يزل على رأي عمر، ونسي الآية: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء:٤٣]، مع جلالة قدره ورسوخه في العلم، لكن العالم الكبير قد يفوته شيء من العلم الذي قد يكون عند صغار الطلبة، وإن كان عالماً.

وهذا من العجائب، فمن قدرة الله العظيمة أن الإنسان مهما بلغ من العلم فهو محل النسيان، فمهما بلغ من العلم والمكانة العلمية في العلم والدين قد يفوته شيء من العلم، وقد ينسى شيئاً من العلم، وقد يخفى عليه أمر واضح، فـ عبد الله أصابه ما أصاب عمر من النسيان لهذا الأمر العظيم مع وضوحه في القرآن الكريم في قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء:٤٣]، ولما ذَكَّره أبو موسى قال: (أولم تر عمر لم يقنع بقول عمار؟!)، فما اقتنع بقول عمار، وكان الصواب مع أبي موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>