للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث أبي سعيد في بئر بضاعة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ذكر بئر بضاعة.

أخبرني هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا الوليد بن كثير قال: حدثنا محمد بن كعب القرظي عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع عن أبي سعيد الخدري قال: قيل: (يا رسول الله! أتتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها لحوم الكلاب والحيض والنتن؟ فقال: الماء طهور لا ينجسه شيء).

أخبرنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم - وكان من العابدين - عن مطرف بن طريف عن خالد بن أبي نوف عن سليط عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: (مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟! فقال: الماء لا ينجسه شيء)].

هذا الحديث هو حديث بئر بضاعة المشهور، وهو حديث أبي سعيد الخدري.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (الماء طهور لا ينجسه شيء) يعني: أن هذا هو الأصل في الماء، إلا إذا تغير بنجاسة، وبئر بضاعة فيها ماء كثير، وقد حزرها بعضهم وجعل فيها حبلاً يقيس به الماء طولاً وعرضاً، ففيها ماء كثير أكثر من قلتين، وكانت في مكان منخفض، وكان تأتي الرياح والسيول وتلقي فيها هذه الأشياء، وهي لحوم الكلاب والحيض والنتن، وليس المراد أن الصحابة كانوا يلقون فيها هذه الأشياء، فالصحابة أعلى قدراً من أن يفعلوا هذا، ولكن قال بعضهم: يمكن أن يفعل هذا بعض المنافقين.

والمقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال: (الماء طهور لا ينجسه شيء) فما دام باقياً على خلقته فلم تغير النجاسة فيه لوناً ولا طعماً ولا ريحاً فالأصل الطهارة.

وقد احتج به المحققون على أنه يلغي مفهوم حديث القلتين كما سيأتي.

وهذا الحديث لا بأس بسنده، وقد أخرجه أبو داود وكذا الترمذي، وهو حجة في أن الأصل في الماء الطهارة، وأنه لا يعدل عنه إلا إذا تغير بالنجاسة، فهذه البئر كانت تلقي فيها السيول والرياح هذه الأشياء، ولكن الماء فيها كثير لا يتأثر ولا يتغير، فلهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء).

<<  <  ج: ص:  >  >>