للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (كان رسول الله يتوضأ بمكوك ويغتسل بخمسة مكاكي)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب القدر الذي يكتفي به الإنسان من الماء للوضوء والغسل.

أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا شعبة قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنس بن مالك يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمكوك ويغتسل بخمسة مكاكي)].

المكوك: هو المد، فالخمسة المكاكي خمسة أمداد، والمد: هو ملء كفي الرجل المتوسط اليدين، فليستا بالكبيرتين ولا بالصغيرتين.

وهذا هو الغالب في فعله صلى الله عليه وسلم، وهو أنه كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، وربما زاد - كما في هذا الحديث - فاغتسل بخمسة مكاكي، أي: بخمسة أمداد، وهي صاع وربع، وربما توضأ بثلثي المد.

وفي الحديث الآخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل مع زوجه بالفرق، وهو إناء يسع ثلاثة آصع، فكل واحد صاع ونصف تقريباً، أي: ستة أمداد.

فدل هذا على أنه لا ينبغي الإفراط في الماء وكثرة الصب، فالزيادة على الثلاثة آصع أقل أحوالها الكراهة الشديدة، إن لم تكن محرمة، فلا ينبغي للإنسان أن يسرف، وإن زاد فلا حرج ما لم يخرج إلى الإسراف، وليس المراد أن الإنسان لا يجوز له أن يزيد على المد في الوضوء ولا على الخمسة المكاكي في الاغتسال، وإنما هذا بيان لما كان يفعله عليه الصلاة والسلام، وأنه ينبغي للإنسان أن يقتصد في الماء.

ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ سعد: (ما هذا الإسراف؟! فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: نعم وإن كنت على نهر جار).

ولو نقص عن ذلك أيضاً فلا حرج، ما لم يصل إلى حد التقصير والإخلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>