للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح الأحاديث الواردة في المستحاضة التي أمرت بجمع الصلاتين والغسل لهما]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب جمع المستحاضة بين الصلاتين وغسلها إذا جمعت.

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة (أن امرأة مستحاضة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لها: إنه عرق عاند، وأمرت أن تؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتغتسل لصلاة الصبح غسلاً واحداً)].

هذا فيه مشروعية غسل المستحاضة إذا جمعت بين الصلاتين، فتغتسل ثلاث مرات: مرة للظهر والعصر، ومرة للمغرب والعشاء، ومرة للفجر، ولكن هذا الأمر للاستحباب وليس بواجب، والواجب إنما هو الغسل بعد انتهاء دم الحيض.

وكأن قولها: (وأمرت) الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم، والحكمة من هذا أن خروج الدم يضعفها والاغتسال يزيدها نشاطاً وقوة، فهو مستحب.

وجمع المستحاضة قد يكون جمعاً صورياً، وذلك بأن تؤخر الظهر إلى آخر وقته، حتى لا يبقى إلا مقدار أربع ركعات، فتصلي، فإذا صلت خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر، فتصليها أربع ركعات، فهي في الصورة جمع وفي الواقع كل صلاة في وقتها، فالظهر في آخر وقتها، والعصر في أول وقتها، ومثلهما المغرب والعشاء فتؤخر المغرب إلى قبل مغيب الشفق بثلاث ركعات ثم تصلي، فإذا صلت ثلاث ركعات غاب الشفق ودخل وقت العشاء، فتصلي أربع ركعات، فهي في الصورة جمع وفي الواقع كل صلاة في وقتها، فالمغرب وقعت في وقتها والعشاء في وقتها.

فالجمع في الصورة هو الظاهر، وفي الواقع كل صلاة في وقتها، لكن الأولى في آخر الوقت والثانية في أول الوقت.

ولها أن تجمع؛ لأنها مريضة؛ إذ الحيض نوع من المرض، والأحاديث الآخرى ليس فيها أنها تجمع جمعاً صورياً؛ بل هي مريضة يشق عليها الوضوء لكل صلاة، لكن إذا أمكنها أن تجمع جمعاً صورياً فهذا أحسن؛ لأن كل صلاة ستكون في وقتها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله عن سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن زينب بنت جحش قالت: (قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إنها مستحاضة، فقال: تجلس أيام أقرائها ثم تغتسل، وتؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل وتصلي، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل وتصليهما جميعاً، وتغتسل للفجر)].

قوله: (أيام أقرائها) يعني: أيام عادتها، فهذه يحتمل أنها معتادة، ويحتمل أنها مميزة، فإن كانت معتادة فالعادة مقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>