للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (كانت اليهود إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوهن)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ما ينال من الحائض وتأويل قول الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢] الآية.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: (كانت اليهود إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوهن ولا يشاربوهن ولا يجامعوهن في البيوت، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة:٢٢٢] الآية، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤاكلوهن ويشاربوهن ويجامعوهن في البيوت، وأن يصنعوا بهن كل شيء ما خلا الجماع، فقالت اليهود: ما يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من أمرنا إلا خالفنا، فقام أسيد بن حضير وعباد بن بشر فأخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا: أنجامعهن في المحيض؟ فتمعر رسول الله صلى الله عليه وسلم تمعراً شديداً حتى ظننا أنه قد غضب، فقاما، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية لبن، فبعث في آثارهما فردهما فسقاهما، فعرف أنه لم يغضب عليهم)].

في هذا الحديث بيان ما ينال الحائض من زوجته، وأنه يؤاكلها ويشاربها ويباشرها وينال منها كل شيء إلا الجماع، وأن هذا هو تأويل قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢].

وفيه أن اليهود قالوا: ما يدع هذا الرجل شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه، وأن أسيد بن حضير وعباد بن بشر قالا: يا رسول الله! أفلا نجامعهن؟ فتمعر وجه رسول الله وتغير حتى ظنوا أنه قد غضب عليهما، فلما وليا استقبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية لبن فدعاهما وسقاهما، فعرفوا أنه لم يغضب عليهما عليه الصلاة والسلام، وإنما غضب من هذه المقالة؛ لأنه تأثر من هذه المقالة.

وهذا فيه دليل على أنه يجوز للإنسان أن يباشر زوجته من دون إزار، وأن الإزار أفضل كما سيأتي في الأحاديث ولهذا جاء في صحيح مسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) يعني: إلا الجماع.

فكونه يأمرها أن تتزر بإزار فيما بين السرة والركبة أفضل وأحوط وأبعد عن الخطأ، وقد سبق، والحديث رواه أبو داود وغيره، وأصله في مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>