للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح حديث: (بينما أيوب يغتسل عرياناً)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم عن موسى بن عقبة عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما أيوب عليه الصلاة والسلام يغتسل عرياناً، خر عليه جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه، قال: فناداه ربه عز وجل: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك؟ قال: بلى يا رب! ولكن لا غنى بي عن بركاتك).

هذا الحديث رواه البخاري في الصحيح، واستدل به المؤلف رحمه الله على جواز الاغتسال عرياناً إذا لم يكن عنده أحد، وهذا لا بأس به إذا لم يكن عنده أحد.

وكذلك أيضاً ثبت في الصحيح في قصة موسى عليه الصلاة والسلام: (أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة، وكان موسى يستتر، فاتهموه وقالوا: ما يتشدد موسى في الستر إلا لأن فيه عيباً، ورموه بأنه آدر، يعني: عظيم الخصيتين، فالله تعالى برأه وأراد تبرئته، فلما أراد أن يغتسل وليس عنده أحد خلع ثوبه ووضعه على حجر، ففر الحجر بثوبه، وجعل يتبعه ويقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى مر على ملأ من بني إسرائيل، فقالوا: والله ما به بأس، ثم نزل الحجر بثوبه فأخذه وجعل يضرب الحجر بعصاه حتى أثر الضرب فيه) لما فر بثوبه عامله معاملة العاقل، فجعل يضربه بالعصا حتى صار له ندب، وأثرت العصا في الحجر.

فهذا فيه دليل على أنه لا بأس بالاغتسال عرياناً إذا لم يكن عنده أحد.

وفيه: إثبات الكلام لله عز وجل والنداء، والرد على من أنكر الكلام، والنداء لا يكون إلا بحرف وصوت، ففيه رد على الجهمية والمعتزلة، ورد على الأشاعرة الذين يقولون: إن الكلام معنى قائم بالنفس.

وفيه: أن الله نادى أيوب بدون واسطة، وهذا هو الصواب.

وقوله: (لا غنى لي عن بركاتك) يعني: هذا من البركة.

وفيه: قدرة الله العظيمة، حيث إنه خر عليه جراد من ذهب، والعادة أنه لا يكون جراد من ذهب، لكن الله على كل شيء قدير.

قال في الحاشية: قوله: (ولكن لا غنى لي على بركاتك) أي: فأجمعه لكونه من جملة بركاتك.

وظاهر الحديث أن الله تعالى كلمه بلا واسطة، ويحتمل أن المراد بالواسطة الملك.

أقول: هذا الاحتمال باطل لا دليل عليه، والصواب: أن الله كلمه بدون واسطة، والكلام لا يكون إلا بحرف وصوت، والصوت: قد دل عليه حديث: (إن الله تعالى ينادي يوم القيامة بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>