للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح حديث عائشة: (من حدثكم أن رسول الله بال قائماً فلا تصدقوه)

قال المؤلف رحمه الله: [البول في البيت جالسا.

أخبرنا علي بن حجر قال: أخبرنا شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا جالساً)].

لقد خفي على عائشة رضي الله عنها أنه بال قائماً، وحديث حذيفة مقدم على حديث عائشة؛ لأن المثبت معه علم خفي على النافي، فـ عائشة نفت؛ لأنه خفي عليها، وحذيفة أثبت أنه (أتى سباطة قوم فبال قائماً)، والمثبت مقدم على النافي؛ ولأن عائشة لا تعلم حاله خارج البيت، وإنما تعلم ما كان يفعله داخل البيت، فخفي عليها ذلك، وأثبت ذلك حذيفة، على أن حديث حذيفة أصح من حديث عائشة، فحديث حذيفة صحيح في الصحيحين وفي السنن وغيرها، وأما حديث عائشة ففي سنده شريك بن عبد الله القاضي، وقد ساء حفظه لما تولى القضاء.

فحديث حذيفة مقدم على حديث عائشة.

على أنه يمكن الجمع بينهما، وهو أن حديث عائشة محمول على أنه في البيت، ففي البيت ما كان يبول إلا جالساً، وأما في الصحراء فإن حذيفة أثبت أنه بال قائماً، وهذا فعله مرة ليدل على الجواز، ولحاجة دعت إلى ذلك، ولهذا خفي على عائشة.

والأفضل البول قاعداً، وهو الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم، وأما البول قائماً فأقصى ما فيه أنه مباح عند الحاجة، مع أخذ الاحتياطات.

وأما اعتقاد بعض أهل هراة أنه سنة، وكون الواحد منه يبول في السنة مرة قائماً، ويقول: هذا إحياء للسنة، فهذا ليس بجيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>