للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الانضمام تحت لواء الهوية الإسلامية]

قال الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:٧١].

هذا هو الانتماء لأمة الإيمان وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء:١٠٥] يقول بعض المفسرين: إن عباد الله الصالحين هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ودعا الحواريون فقالوا: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران:٥٣] وقال الذين آمنوا من النصارى: {وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} [المائدة:٨٤] يعني: أمل وغاية من أسلم منهم أنه يطمع ويسعى سعياً حثيثاً إلى الانطواء تحت لواء هذه الهوية الإسلامية، ولذا قالوا: (وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ).

وكل مسلم يقول في صلاته: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، انتماءً وانتظاماً في هذا النظام وهذا العرق الذي يضم كل من ينتسب إلى حزب الله عز وجل، يقول الشاعر: ومما زادني شرفاً وفخراً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا صلى الله عليه وسلم، فالأمر مهم جداً، وينبغي أن نلتفت إليه؛ لأنه في غاية الأهمية، ونحن نناقش أن موضوع الانطواء تحت الهوية الإسلامية والاندماج في الهوية الإسلامية ليس أمراً اختيارياً، وهذا كلام ليس فقط للمسلمين، ولكن لجميع البشر ولكل الناس، فيجب على جميع بني آدم أن ينتموا إلى الهوية الإسلامية، فالهوية الإسلامية ليس الانتماء إليها أمراً مستحباً، ولا أمراً تكميلياً أو كمالياً، ولكنه فرض متعين على كل بني آدم المكلفين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يقول الله عز وجل: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:١٥٨]، والآيات كثيرة جداً في بيان أن دعوة الإسلام دعوة شاملة لجميع البشر، حتى يندمجوا في الهوية الإسلامية، ويشهدوا شهادتي التوحيد، وينقادوا لحكم الله سبحانه وتعالى، ويكونوا من المسلمين، قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ} [الأنعام:١٩] يعني: يا من أنتم حاضرون! وهم قريش (ومن بلغ) يعني: ومن يبلغه القرآن إلى أن تقوم الساعة أيضاً، كلكم أنا أنذره بذلك، ويقول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي وبما أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) رواه مسلم.

إذاً: هذه الأمة محملة برسالة إدخال جميع البشر في الهوية الإسلامية، وهذا هو موقعها الطبيعي والقيادي، وذلك باعتبارها خير أمة أخرجت للناس، وباعتبارها الأمة الوحيدة المؤهلة لإنقاذ البشرية من الضياع في الدنيا ومن عذاب الآخرة.

فالسبيل الوحيد إلى النجاة في الآخرة لجميع الناس هو أن يذوبوا ويندمجوا في الهوية الإسلامية؛ لأن الهوية الإسلامية هوية تستوعب كل مظاهر الشخصية، وتحدد لصاحبها بكل دقة ووضوح هدفه ووظيفته وهوايته في هذه الحياة، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * {لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣].

وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨].