للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أساليب طمس الهوية الإسلامية: فك ارتباط الأمة بتاريخها المجيد]

من هذه الأساليب: محاولة محو ذاكرة الأمة وارتباطها بتاريخها المجيد؛ لأن التاريخ هو خميرة المستقبل، وتمجيد كل ما هو غربي وتحقير كل ما هو إسلامي يمحو الهوية الإسلامية؛ حتى إن جرجي زيدان له سلسلة التاريخ الإسلامي، وكلها مشوهة، وكلها كذب وتشويه، عملها لأداء هذه الوظيفة، التي هي احتقار التاريخ الإسلامي، حتى نصر المسلمين في الأندلس ألّف فيه قصة كاذبة فقال: إن انتصار المسلمين نشأ عن أن واحداً من الأسبان كان يعشق واحدة من المسلمات، وأنه دخل في جيش المسلمين وانضم إليهم، وكان هو سبب حصول هذا النصر؛ وإذ بمجرد انضمامه فتحوا الأندلس!! يقول هذا حتى يُظهر أن نصر المسلمين في الأندلس ليس نصراً عقائدياً، وإنما هذا الأجنبي هو الذي جعلهم ينتصرون!! وهذا كلام كذب، وقصة فتح الأندلس قصة معروفة.

فعملية محو ذاكرة الأمة تعني فك ارتباطها بتاريخها السابق، وتمجيد كل ما هو غربي، وتحقير كل ما هو إسلامي، ومزاحمة رموز الإسلام برموز ضلالات التنوير والحداثة والعصرانية، وعرض أنماط الحياة الاجتماعية في الغرب بكل مفاسدها وسوءاتها بصورة جذابة ومغرية، وأن النموذج الأمثل في أن نقلد العادات الغربية، ونشرب الخمر، ونتهاون في الفواحش، ونلبس ملابسهم، ونتكلم بطريقتهم، وهذه هي عملية التذويب والقضاء على الهوية الإسلامية.

يقول مستشرق فرنسي يدعى تشاتليه: إذا أردتم أن تغزو الإسلام، وتكسروا شوكته، وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة لها والتي كانت -أي: العقيدة- السبب الأول الرئيسي لاعتزاز المسلمين وشموخهم وسبب سيادتهم وغزوهم للعالم؛ فعليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية؛ بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم وكتابهم القرآن، وتحويلهم عن كل ذلك بواسطة نشر ثقافتكم وتاريخكم، ونشر روح الإباحية، وتوفير عوامل الهدم المعنوي، وحتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذج والبسطاء لكفانا ذلك؛ لأن الشجرة يجب أن يتسبب لها في القطع أحد أغصانها!! فانظر إلى هؤلاء الذين يفرحون بالغرب؛ فإن الغرب أنفسهم يعتبرونهم السذج المغفلين البسطاء، هكذا نظرتهم لمن يبيعون هويتهم ويتنازلون عنها!