للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طريق النجاة]

من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى جعل كلمة النجاة مكونة من شقين: (لا إله إلا الله) (محمد رسول الله) ولا ينجو إنسان إلا إذا حقق هاتين الكلمتين، فالأولى تشمل توحيد الله سبحانه وتعالى -توحيد المعبود- والثانية تشمل توحيد الطريق الموصلة إلى الله سبحانه وتعالى.

ومعنى كلمة (لا إله إلا الله) لا يستحق أن يعبد إلا الله سبحانه وتعالى وحده، ولا إله حق إلا الله.

فإذا قال إنسان: أنا أريد أن أعبد الله وحده، لكن كيف أعبده؟ وكيف أعرف الذي يرضيه حتى أعمله والذي يسخطه حتى أتجنبه؟ فهاتِ لي بيان كيفية هذه العبادة فلا ينبغي أن ننظر فقط إلى قوله تبارك وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] حتى نضيف إليه قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:٢١]، وقوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:٥٤]، وغير ذلك من الآيات التي تحتم على المسلم أن لا يعبد الله إلا من خلال ما شرعه، ولا يعبده بالبدع، فهما توحيدان لا نجاة إلا بهما: توحيد المعبود، وتوحيد المتبوع صلى الله عليه وسلم، أي: توحيد الطريق الموصلة إلى الله، فمنذ أن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سدت جميع الطرق المؤدية إلى الجنة إلا طريقاً واحداً على رأسه رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أفتى العلماء بكفر من زعم أن هناك طريقاً إلى الجنة مخالفاً لطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بعثته الشريفة، فمن ادعى أن هناك طريقاً إلى النجاة وإلى الجنة يخالف طريق النبي عليه الصلاة والسلام فقد أخرجه العلماء من ملة الإسلام، وكما يقدح الشرك في توحيد العبادة كذلك يقدح الابتداع في توحيد الاتباع، فكما ينافي التوحيدَ أعمال الشركُ -وهي عبادة غير الله، أو صرف شيء من العبادة لغير الله- كذلك ينافي ويضاد شهادة أن محمداً رسول الله الأخذ بالبدع وتقديمها على السنن.