للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قضية فلسطين قضية عقدية]

فاتتني نقطة أود أن أنبه عليها، وهذه النقطة هي في البحث الذي ذكرناه عن رسالة الدكتوراه لـ حسن صبري الخولي، والذي ذكر فيها: أنه اعتماداً على التوراة التي هي كتاب مقدس -كما يزعم؛ لأنها محرفة- فلليهود حق في فلسطين، لكن العرب يشتركون معهم أيضاً في هذا الحق، باعتبار أن الوعد في التوراة لكل ذرية إبراهيم عليه السلام، سواء كانوا من إسحاق أو من إسماعيل عليهما السلام.

وهذا كلام فيه مغالطة خطيرة جداً لابد من الالتفات إليها، فاليهود أنفسهم أحياناً في بعض المحافل الدولية في الأمم المتحدة أو غيرها يأتون بنصوص من القرآن حتى يثبتوا حقهم في فلسطين.

ومن أجل ذلك نقول: إن المنطلق الذي ينبغي أن تعالج منه هذه القضية هو منطلق العقيدة، فإن قيل: ما علاقة هذا بالعقيدة؟ فأقول: علاقة هذا بالعقيدة أن اليهود الآن يريدون أن يستعيدوا القدس في زعمهم ويعيدوا بناء هيكل سليمان.

فإن قيل: متى بدأ التواجد الإسلامي في مدينة القدس؟ هل بدأ التواجد الإسلامي بفتح عمر بن الخطاب لهذه المدينة؟ ف

الجواب

كلا! بل التواجد الإسلامي في فلسطين بدأ منذ أن تواجد فيها أنبيا الله الذين كانوا دعاة للإسلام، وأنبياء للإسلام، فمن أولى بسليمان عليه السلام: هل اليهود الذين يزعمون أنهم يعيدون بناء هيكله للمرة الثالثة أم المسلمون؟ فسليمان عليه السلام كان مسلماً، كما قال الله عز وجل عنه: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل:٤٤].

فهي قضية أساساً لابد أن تكون من منطلق عقائدي؛ لأننا نؤمن أنه لا حق في الدنيا إلا الإسلام، وأي دين آخر فهو دين باطل أو دين منسوخ.

فجيوش المسلمين وجدت في فلسطين منذ عهد داود، ومنذ عهد سيلمان، ومنذ عهد موسى عليه السلام، وهكذا جميع أنبياء الله نحن أولى بهم، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني)، فانطلاقاً من هذا الاعتقاد يكون اعتقاد تتطور المسلمين في قضية فلسطين: أن المسلمين هم أحق بهذه الأرض؛ لأنها أرض الأنبياء، وأن المسجد الذي هو مقام الآن في بيت المقدس الذي يعبد فيه الله وحده لا شريك له، هو يقوم مقام المعابد التي كان يعبد فيها الله أيضاً على شريعة الأنبياء السابقين، الذين كانوا جميعاً يقولون: لا إله إلا الله، وكانوا يصدق بعضهم بعضاً، فموسى بشر بمحمد عليه الصلاة والسلام، وعيسى بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلابد أن يكون هذا هو المنطلق: أن جميع الأنبياء أخوة، دينهم واحد، وشرائعهم شتى.

فلا بد من النظر للقضية من هذا المنطلق، وليس على أنها قضية وثائق تاريخية تثبت حقاً لليهود، ومحال على اليهود أن ينتزعوا من القرآن نصوصاً تثبت لهم حقاً في فلسطين.

فالحق في فلسطين للمسلم الذي هو على دين سليمان وعلى دين موسى وعلى دين عيسى وعلى دين محمد عليهم جميعاً صلاة الله وسلامه.

ولكن لا ينظر للأمر ولا يقيسه بهذا المقياس إلا أصحاب العقيدة الصحيحة.