للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الهوية الوطنية لدى الصحابة وموقفهم بعد الإسلام منها]

وهنا أمر مهم جداً -أيضاً- نحب أن ننبه إليه، وهو متعلق بموضوع الهوية، فالمسلمون الفاتحون الأوائل، سواء أوائل المسلمين الذين دخلوا في الإسلام مثل الصحابة رضي الله تعالى عنهم من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بعد ذلك في الدخول إلى الإسلام، أو التابعين، كيف كانوا قبل الدخول في الإسلام؟ كانوا وثنيين يعبدون الأصنام، وكانوا كفاراً مشركين إلا القليل، فهؤلاء كانت لهم هوية وطنية، وهوية قومية، وتراث حضاري، وكانوا معتزين جداً باللات والعزى، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها لما كان القرآن ينزل بشتم وتسفيه آلهتهم، فكان لهم وطنية وقومية ووثنية وأصنام خاصة بهم، وكانوا يقدسون الأوثان ويعبدونها من دون الله، فهم لهم هوية أيضاً، وهو نفس القاسم المشترك الموجود الآن، لكن لما أتى الإسلام عرفوا أن الإسلام أتى لينسخ ويقضي على ما خالفه.

ونحن ندخل مع جميع العلمانيين، ونعيش معهم نفس دورهم، وننسى أن الذي يسمونه حضارة إنما ينفخون فيه قائلين: (هذه هي الحضارة).

وهذه الدنيا كلها لا تعدل عند الله جناح بعوضة، فهي كلها إلى زوال، فأي حضارة يقصدون؟! إنهم يقولون: الحضارة والإنسانية مجرد نفخ في أشياء؛ لأن هؤلاء أناس غربيون أفئدتهم خواء وعقولهم فارغة، فهم أحياناً يعظمون أشياء بطريقة تدل على تخلفهم عقلياً، كموضوع الكلاب مثلاً، أي: تعظيم الكلاب.

وقد كنت مرة في أمريكا في الطريق العام في الليل تقريباً، ففوجئت بقوات الإطفاء والشرطة والزحام، وكان المرور متوقفاً، وكان الأمر كبيراً جداً، ثم ظهر في آخر الأمر أن ذلك بسبب قط أو كلب صدمته سيارة، ليظل المرور قرابة ساعتين متوقفاً.

والناس الذين عاشوا في تلك البلاد يعرفون هذا الأمر، يعرفون اهتمامهم الشديد بموضوع الحيوانات والرفق بالحيوان، ويراد منهم أن يعملوا شيئاً اسمه الرفق بالإنسان، أي: الإنسان المسلم الذي يعذبونه في شتى بقاع الأرض.

فعندهم أشياء سخيفة يبالغون فيها، ومن ذلك أنهم يورثون الملايين للكلاب، فالكلب يرث، ويحرم المورث أولاده، فهؤلاء أناس انتكسوا في العقول والقلوب، ولا يصلحون أن يكونوا قدوة على الإطلاق، فالوجه الحقيقي للغرب -الوجه القبيح- ينبغي أن يكشف لهؤلاء المخدوعين بالغرب بالصورة التي هم عليها.

وإذا كان الإسلام قد أبطل الشرائع السماوية السابقة فكيف لا يبطل الأديان الباطلة والوثنية، فالإسلام يأتي بكل خط فاصل في حياة كل من ينتمي إليه، بحيث يفترق المستقبل عن الماضي تماماً، بخط فاصل، ومحطة فاصلة بين الماضي وبين الحاضر، فهكذا كل المسلمين الصادقين كانوا يفصلون بين الماضي والحاضر إذا دخلوا في الإسلام.