للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المحاذير الشرعية في التعامل ببيع المرابحة المعاصر]

صورة بيع المرابحة التي تجريها المصارف الإسلامية تدخل تحت اسم السلم الحال، وهذا السلم الحال منهي عنه في حديث حكيم بن حزام رضي الله تبارك وتعالى عنه، وعمدة الكلام فيه هو حديث حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه.

وحتى ينتهي باب الخلط بين بيع المرابحة القديم وبيع المرابحة المعاصر اختار له بعض العلماء اسماً متميزاً حتى يتميز به عن بيع المرابحة عند الأقدمين، فسماه: بيع المواعدة، وليس بيع الوعد؛ لأن الوعد إنما يكون من طرف واحد، لكن بيع المواعدة فيه تفاعل بين الطرفين: هذا يعد بكذا، وهذا بالمقابل يعد بكذا، فسمي بيع المواعدة؛ لأن هذه المعاملة في جميع صورها مبنية على الوعد سواء كان ملتزماً به أو غير ملتزم.

ومما يزيد خطورة الكلام في هذا الموضوع: ما ذكره بعض العلماء الخبراء في هذا الباب أنه قد قامت طريقة بيع المرابحة في بعض البنوك الإسلامية في السنوات القليلة الماضية مقام الإقراض الربوي في البنوك الربوية، يعني: نشط هذا النوع من التعامل في البنوك الإسلامية بصورة غير عادية في الفترات الأخيرة؛ بحيث إنه بالفعل حل محل الإقراض الربوي، قال: ووصل التعامل على أساسها في البنوك الإسلامية إلى (٩٠%) من عمليات الاستثمار! يقول: وهذا يبين ضرورة التأني والبحث العميق والمحايد عن حكمها شرعاً قبل الانطلاق في العمل بها أكثر، مما يجعل الرجوع عنها عندما يتبين عدم شرعيتها عسيراً.

فقد فتح هذا الباب، وهجم عليه الناس بهذه الصورة بدون بصيرة، وبدون جزم بحكم الشرع فيها، أو تأكد وأناة وتمهل في الحكم عليه، فإن قيل لهم: اتضح لنا أنه حرام، فهذا فيه نوع من هز الثقة والتردد والشك والبلبلة، وهذا مما يؤكد أن هذا الموضوع كان من المفروض أن يأخذ حقه من البداية من البحث العلمي والتمحيص الدقيق المحايد.

فلو فتحنا هذا الباب وأجزناه ثم قلنا: إنها معاملة غير مشروعة، فهذا سيجعل الأمة والعلماء والقراء الاقتصاديين يتوقفون عن الاجتهاد في إيجاد بدائل شرعية لمثل هذه النظم؛ لأن المرابحة عملية فيها نوع من اليسر والسهولة بالنسبة للطرفين: البنك والمشتري سواء.

فالبنك يفرح جداً بنظام المرابحة؛ لأنه يعتبر كبديل لمن لا يتقي الله سبحانه وتعالى ولا يتعامل إلا بالقرض الربوي، وكذلك البنك يضمن الربح، وليس فيه مخاطرة، بل يقطع البنك بعدم الخسارة، خاصة إذا بني هذا التعامل على أساس أن المواعدة ملزمة، كما سنبين إن شاء الله تبارك وتعالى.