للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صورة التواعد غير الملزم مع معرفة مقدار الربح]

هذه الصورة تنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين، مع ذكر مقدار ما سيبذله من ربح.

الصورة: أن يرغب العميل في شراء سلعة معينة بذاتها أو جنسها، يعني لا يقول له: الثلاجة هذه بالذات، لكن ثلاجة من هذا الجنس.

فيقول الرجل للبنك: اشتروا هذه السلعة لأنفسكم -وهذا قيد مهم-، ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل، وسأربحكم زيادة عن رأس المال ألفاً.

وهذه المسألة نص ابن رشد في المقدمات أنها محظورة، وهي من بيع العينة المحظور؛ لأنه ازداد الرجل في سلفه، يعني: وهذا النوع من التحايل على الربا؛ لأنه إذا كان هذا المشتري ليس معه مال يشتري به هذا الجهاز فهناك صورتان: الأولى: أن يذهب للبنك مباشرة ويقول له: أقرضني خمسة آلاف مقابل فائدة ربوية مقدارها خمسمائة، أي: أنه يقول له: أقرضني -مباشرة- خمسة آلاف لأشتري بها الجهاز وأسددها لك بعد أجل بخمسة آلاف وخمسمائة، وهذه الصورة ربا صريح.

الثانية: أنه لا يستلف من البنك، ولكن يقول له: اشتر لي هذا الجهاز أنت بثمن عاجل وأنا سأسددها لك بهذا الثمن مقابل الزيادة المقررة بخمسمائة، فالعلماء قالوا: إنها عبارة عن حيلة من حيل الربا، فبدل التعامل مباشرة مع البنك بالطريقة الربوية، يحول الموضوع ويتحايل بما صورته حلال، وهو في الحقيقة حرام.

قالوا: هذه من صور العينة، فالرجل يريد أن يتعامل بالربا، فيقول للآخر: أبيعك الساعة التي معي بمائة في الحال، فيعطيه الساعة في الحال بمائة، ثم يقول صاحب الساعة الأول: أنا أشتريها منك بمائة وخمسين ديناً لمدة ستة أشهر، فيقول له: نعم ويرجعها له مرة ثانية ويلبسها من جديد، والحقيقة أنه يريد أن يقترض بربا.

وهذه الحيلة الظاهر منها أنها حلال، ولكن المقصود بها التوصل للحرام، فبعض العلماء من المالكية اعتبروا هذه الصورة -بالذات- من صور العينة.

يقول ابن رشد: (والمحظورة - أي: العينة المحظورة- أن يراوضه على الربح، فيقول له: اشتر سلعة كذا وكذا بعشرة دراهم نقداً، وأنا أبتاعها منك باثني عشر نقداً -يعني: بعدما يتملكها-، والثانية: أن يقول له: اشترها لي بعشرة نقداً وأنا اشتريها منك باثني عشر إلى أجل).

يقول الدردير في الشرح الصغير: (العينة وهي بيع من طلبت منه سلعة للشراء وليست عنده لطالبها) يعني: بيعها لطالبها بعد شرائها جائز، (إلا أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقداً، وأنا آخذها منك باثني عشر إلى أجل، فيمنع لما فيه من تهمة سلف جر نفعاً)؛ لأنه كأنه سلفه ثمن السلعة على أن يأخذ عنها بعد الأجل اثني عشر.

وهذه الصورة الثانية تنبني على المواعدة الغير الملزمة للطرفين مع ذكر مقدار ما يبذله من ربح، وهي أن يرغب العميل في شراء سلعة معينة بذاتها أو جنسها، فيذهب إلى المصرف فيقول: اشتروا هذه السلعة لأنفسكم ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل، وسأربحكم زيادة عن رأس المال ألفاً، قال ابن قدامة: إنها من العينة المحظورة؛ لأنه رجل ازداد في سلفه.