للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معرفة ثواب الذكر من جهة الشرع]

نحن لا نملك الميزان الذي نوزن به الأعمال، بل يخبرنا به الوحي على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، كما في حديث البطاقة الذي رواه ابن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب! فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب! فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فيقال: فإنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله تعالى شيء).

فمعرفة مقادير هذه الأعمال العظيمة ليس إلينا، وإنما نعرفه عن طريق الوحي، فالوحي يخبر أن هذه الأذكار ثوابها عظيم جداً، والناس في غفلة عن هذا، فهذه تجارة رابحة، فمن استطاع أن يستثمر أرباحه فيها فليستثمر، فهذا إبراهيم عليه السلام لما قابل الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج قال له: (يا محمد! أقرأ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأخبرهم أن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) فهذه نصيحة من أبينا إبراهيم عليه السلام ينصحنا نحن المسلمين بها، ويخبرنا بها نبي سبق المؤمنين إلى الجنة، ويخبرنا عن شيء يقع في الجنة، فلا يحتقر هذا الأمر العظيم أو يزدريه أو يزهد فيه إلا أحمق ناقص العقل.

وجاء في الحديث الصحيح: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن) فهي لا تكلفك شيئاً، ويخبرنا الوحي أنها ثقيلة جداً في الميزان، (ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).

وجاء في الحديث الآخر: (من قرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] عشر مرات بنى الله له بها قصراً في الجنة)، فهذا شيء يسير على ألسنتنا لكنه عند الله عظيم، فالذكر من أشرف العبادات، وإذا تأملنا في المعاني التي تندرج تحت هذه التسبيحات والأذكار لوجدنا معاني عظيمة جداً من تنزيه الله سبحانه وتعالى عن النقائص، وإثبات الكمالات له عز وجل، واعتراف العبد بالنقص والخطأ والزلل، وهذه المعاني العظيمة الجليلة تستوجب هذا الأجر العظيم وإن رغمت أنوف الذين تقصر عقولهم وهممهم عن فهم هذه الأشياء.