للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من وسائل الوقاية من الحسد قبل وقوعه كتمان الأمور عن الحاسد]

مما يتوقى به شر الحاسد: كتمان الأمور عنه قبل إنجازها، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عنه معاذ بن جبل رضي الله عنه: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود).

وفي لفظ الطبراني: (استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان إلخ).

وهذه الفاء هي السببية وفاء العلة، والمقصود بإنجاح الحوائج: جلب نفع، أو دفع ضرر.

وقد سبق الكلام في معنى هذا الحديث، والجمع بينه وبين ما ثبت في القرآن من قوله سبحانه وتعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:١١].

وقد ذكرنا أن التحدث بالنعمة واجب على النبي صلى الله عليه وسلم، ومستحب في حق من خشي على نفسه العزة والتكبر على عباد الله، فمن أمن من ذلك جاز له هذا الأمر.

والتحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى لا يتعارض مع هذا الحديث؛ لأن هذا فيه إرشاد إلى إنجاح الحوائج والكتمان قبل إتمامها، فأي مجموعة من الناس أو فئة من الناس تتعاون على مصلحة من المصالح ينبغي أن تتكتم في أمرها حتى يتم لها أمرها، وبعد ذلك يتحدث الإنسان بهذه النعمة.

أو يكون المقصود الكتمان إذا خشي الحسد، فإذا أمن فلا بأس بإظهار نعمة الله عليه، وأما إذا خشيه أو خافه فليكتم؛ أخذاً بهذا الحديث.

فموضع القدر الوارد في التحدث بالنعمة ما بعد وقوعها، أو إذا أمن الحسد.

وقيل: (إذا سرك أن تسلم من الحاسد فغم عليه أمرك) أي: إذا عرفت أن هذا الإنسان متصف بهذا الشر الخبيث فغم عليه أمرك واكتمه عنه اتقاء شره.