للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آية الكرسي هي أعظم آية في القرآن]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل على محمد النبي الأمي وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد: فإن لآية الكرسي مكانة عظمى، ومنزلة رفيعة؛ لأنها اشتملت على أشرف المذكورات، وعلى أفضل المعلومات، كما أنها تتضمن توحيد الله جل جلاله، وتعظيمه وتمجيده، وذكر صفاته، ولا مذكور ولا معلوم أعظم من رب العالمين تبارك وتعالى.

يقول الرازي رحمه الله: واعلم أن الذكر والعلم يتبعان المذكور والمعلوم، فكلما كان المذكور والمعلوم أشرف، كان الذكر والعلم أشرف، وأشرف المذكورات وأشرف المعلومات هو الله سبحانه وتعالى، وكل كلام اشتمل على نعوت جلاله وصفات كبريائه، فإن ذلك الكلام يكون النهاية في الجلال والشرف.

وآية الكرسي هي بهذه المثابة، وقد بلغت في الشرف أقصى الغايات وأبلغ النهايات.

والرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، والذي أنزل عليه القرآن الكريم قد بين فضل هذه الآية ومكانتها في عدد من أحاديثه صلى الله عليه وآله وسلم.

ونحن نحاول أن نفرد هذه الآية بالتدبر والتأمل من خلال بحث مختصر للدكتور فضل إلهي حفظه الله تعالى بعنوان: (فضل آية الكرسي وتفسيرها).

يذكر المؤلف أولاً: أن آية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم، فقد روى الإمام مسلم، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قلت: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:٢٥٥] فضرب في صدري وقال: والله! ليهنك العلم أبا المنذر)، معناها: ليكن العلم هنيئاً لك، رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

فخير الكلام كلام الرحمن جل جلالة، وخير ما نزل من كلام الله عز وجل: القرآن الكريم، وخير وأعظم آية في القرآن الكريم: آية الكرسي، فما أعظم شأنها، وأجلّ منزلتها، وأعلى مكانتها! يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى معلقاً على هذا الحديث، وعلى وصفه هذه الآية بأنها أعظم آية في كتاب الله: وليس في القرآن آية واحدة تضمنت ما تضمنته آية الكرسي، وإنما ذكر الله في أول سورة الحديد وآخر سورة الحشر عدة آيات لا آية واحدة.

وهو هنا يشير إلى أن أوائل سورة الحديد وأواخر سورة الحشر تضمنتا من أسماء الله عز وجل وصفاته الكثير، لكن هذا أتى مفرقاً في عدة آيات، وإنما كلامنا هنا عن أفضل آية في القرآن.