للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توبة شاب من استعمال المخدرات وسبب تعاطيه لها]

هذه قصة توبة شاب مدمن للمخدرات: كان شاباً يافعاً شجاعاً يعرفه كل أولاد الحارة بالنخوة والشهامة، كان دوماً لا يفارق ذلك المقهى المنزوي، والذي تظلله تلك الشجرة الكبيرة، أولاد الحارة يخافونه ويستنجدون به في وقت الأزمات، كانت عصاه لا تخطئ، وكانت حجارته كالسهام، كانت أخباره في كل الحارات، كان إذا دخل ذلك المقهى وأخذ الكرسي الذي اعتاد الجلوس عليه وشاهده القوهجي؛ ترك كل شيء في يده وأحضر براد الشاي الذي تعود أن يتناوله باستمرار، وخاصة بعد صلاة المغرب، إنه لا يخافه، ولكنه يحترم فيه نخوته وشهامته، ظل ذلك الشاب طويلاً على هذه الحال بلا منافس، غير أن هذه الأحوال لم تعجب مجموعة من أشرار الحي، كيف يأخذ هذا الشاب كل هذه الشهرة، وكل هذا الحب والاحترام؟ لابد من حل لكسر شوكته وتحطيم معنوياته وأحلامه وسمعته، فكر كبيرهم ملياً وقال: إنني لا أستطيع مقاومة ذلك الشاب، ولكن لدي سلاح سهل ويسير إذا استخدمته دمرته به، إنها المخدرات، ولكن كيف؟ قفز واحد من تلك المجموعة الشريرة وصاح: براد الشاي، براد الشاي، إنه يحب أن يتناوله يومياً بعد صلاة المغرب.

تسلل واحد منهم بخفية وسرعة إلى ذلك المقهى، ووضع كمية من الحبوب المخدرة في براد الشاي، وجلسوا في الموقع المقابل يراقبون تصرفاته، لقد وقع في الفخ، وتمر بقدر الله دورية للشرطة وترى حالته غير طبيعية فتلقي القبض عليه، إنها المخدرات، وكم كان اندهاش قائد الدورية، فهو يعرفه تماماً، فكيف تحول بهذه السرعة إلى تلك الملعونة الحبوب المخدرة؟ أدخل السجن ولكن لا فائدة، لقد أدمن ولم يستطع الإفلات من حبائلها، إنه في كل مرة يخرج من السجن يعود إلى ذلك المقهى ويقابل تلك المجموعة، استمر على تلك الحال عدة سنوات، وكانت المفاجأة لقد فكر والداه وأقاربه كثيراً وحاله ومصيره وسمعتهم بين الناس، وكان القرار أن أصلح شيء له هو الزواج من إحدى البلاد المجاورة؛ حتى ينسيه ذلك المقهى وتلك الجماعة الشريرة، وأبلغوه بذلك القرار فكان نبأ ساراً، فأعلن توبته، وعاهد والديه، وبدأ في الترتيب لعش الزوجية، واشترى بعض الأثاث، ودخل مرحلة الأحلام والأماني: زوجة وبيت وأسرة وأبناء، ما أجمل ذلك، وتحدد موعد السفر ليرافق والده للبحث عن زوجة، إنه يوم السبت، لكن الله لم يمهله، نام ليلة الخميس، وكان كل تفكيره في الحلم الجديد في الموعد الآتي حتى ينقضي هذا اليوم واليوم الذي بعده، إيه أيتها الليلة! إنك طويلة، وكان

الجواب

إنها ليلتك الأخيرة! فما أصبح الصباح، حتى اعتلى الصياح وكانت النهاية أن يمسي في قبره تلك الليلة.