للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فائدة الرد على أهل البدع والضلالات]

كما أن في الرد على هذا الباطل إبطالاً لهذه الضلالات التي شاعت وانتشرت، ففيه أيضاً خير للباهت المتّبع نفسه؛ لأنه يحتمل أن يعود إلى رشده، ويرجع عن غيه إذا كان أُتي من قبل داء الجهل، وأما إذا كان أُتي من قبل داء الهوى، فقد قال الله: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة:٤١]، خاصة أننا بصدد الرد على مقالة هذا الذي أنكر شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الآخرة، فمن مصلحته أن يرجع ويتوب، فقد صح عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال: (من كذّب بالشفاعة فليس له منها نصيب).

وإن أصرّ على هذا الضلال فإن الرد يعود عليه بالفائدة؛ لأن في هذا الرد تقليلاً من عدد المتورطين المضلَّلين بجهله وفتنته، وإلا فقد قال الله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [العنكبوت:١٣]، وقال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل:٢٥].

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً)، فنحن لا نتعرض لهذه الواقعة بالذات، فالوقائع كثيرة جداً لا تكاد تنحصر، ومن ذلك مقالة أطلعني عليها أحد الإخوة نشرت منذ فترة من شخص يعتزّ بفرعون، ويعز عليه أن القرآن الكريم يحكم بكفر فرعون، فإذا به يلتقط كلاماً من هنا وهناك لبعض الملاحدة الزنادقة كـ ابن عربي الصوفي المارق، فيعقد محاكمة ويجعل ابن عربي هو المحامي الذي يدافع فيها عن فرعون، ويقول: إن فرعون جدي، وأنا رجل مصري قبطي، فكيف يكون جدي في النار؟ وكيف يذم القرآن جدي بهذه الطريقة؟ فمن هذا المنطلق، ومن هذه النعرة والحمية الجاهلية النكراء يعقد محاورة أو محاكمة في صفحة كاملة في جريدة شبه رسمية، ويدافع فيها عن فرعون، ويقول: إن فرعون مات مؤمناً إلى آخر ضلالاته، فهذا يريد أن يقضي على معنى تكفير فرعون، وقام اليهود -من ناحية أخرى- بالمطالبة في فلسطين بحذف الآيات التي تتعرض لبني إسرائيل بالذم، وهكذا نتلقى الصفعات، وكل من أراد أن يطعن فليطعن، فكل من أراد أن يحذف فليحذف إلى غير ذلك مما تعلمون.

فنحن نريد أن نجعل هذا الموقف درساً وعبرة؛ لأن الضُّلّال لا ينحصرون، والظلمات كثيرة كما أخبر الله تعالى، ودائماً ما تأتي الظلمات في القرآن بصيغة الجمع، وأما النور فيأتي مفرداً، {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة:٢٥٧]، فعلينا أن ننشغل وأن نتعلم هذا النور؛ كي يكفينا شر هذه الظلمات، فقضيتنا ليست أن نتعرض لهذا الكاتب بالتفصيل، ولا لـ أحمد صبحي منصور، ولا لـ رشاد خليفة، ولا للسيد صالح أبي بكر، ولا لـ أبي رية، ولا لغيرهم من هؤلاء المارقين الذين يطعنون الإسلام في الصميم، بل سنحاول أن نعمم العبرة؛ حتى نستطيع أن نتعامل مع ظاهرة العدوان على دين الله سبحانه وتعالى بهذه الأقلام المسمومة التي تنفث سمومها بين الحين والآخر.