للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تجادل وتخاصم الأتباع مع قادة الضلال من المفكرين وأصحاب المبادئ المناقضة لدين الإسلام]

وفي النار يتخاطب الأتباع مع قادة الضلال من أصحاب الفكر، والنظريات، والفلسفات الضالة، وأصحاب كل مبدأ يناقض دين الإسلام، فيتخاصم هؤلاء الأتباع والمتبوعين من أهل المدارس الفكرية التي فرحوا بها، واغتروا بمسالكها، فكانوا في غفلة عن دين الإسلام، وهذه الأشياء التي اغتروا بها -كالفلسفة- تهدم دين الإسلام وتناقضه، يقول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ * وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ * هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} [الصافات:١٩ - ٢٨]، أي: من باب القوة {قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ * فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات:٢٩ - ٣٥]، فكانوا إذا دعوا إلى عبادة الله وحدة، وإلى التمسك بدينه وحده، والإعراض عما خالفه من الأديان والفلسفات والنظريات والمبادئ الهدامة لدين الله، فإنهم يستكبرون عن الانقياد لطاعة الله سبحانه وتعالى، ويفرح بعضهم ببعض، ويظنون أنهم على شيء.

فتحصل الملاومة، والعتاب الشديد، والندم بين أهل النار في عرصات القيامة، فالأتباع يقولون لقادة الضلال: أنتم الذين كنتم تزينون لنا هذا الباطل، وأنتم الذين كنتم تؤزوننا إلى مخالفة الحق، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة:٢٥٧]، فكل من حرف الناس عن نور الوحي وعن دين الإسلام إلى هذه الظلمات فهو طاغوت؛ لأنه طغى وتجبر وزاد عن حده بأن رفع نفسه إلى مقام الألوهية، ونازع الله سبحانه وتعالى في أسمائه وصفاته، إلا أن القادة ورجال الفكر والزعماء يرفضون هذا حينما يقول لهم الأتباع: أنتم الذين أضللتمونا، أنتم الذين أغويتمونا، أنتم الذين قلتم لنا: {ما أريكم إلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:٢٩]، فحينئذ يرد عليهم هؤلاء الزعماء قائلين: بل أنتم تتحملون نتيجة أعمالكم؛ لأنكم اخترتم الكفر، ولم يكن لنا من سلطان عليكم، فطغيانكم واستكباركم هو الذي أوصلكم إلى هذه النهاية.