للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضول المجالسة والمخالطة]

فضول المجالسة والمخالطة، مثل ما يسمى بجلسات الدردشة، والآن التجارة يكاد يحتكرها النصارى، فكثير من المسلمين اليوم يقضون وقت فراغهم في أكل اللب الأصفر والأبيض والأحمر والحمص وهذه الأشياء التي تسمى تسالي، لا داعي للب وللحمص، هذه الأشياء عدوة الذكر، عدوة العلم، أنا ما أقول: إنها حرام، لكننا نستسهلها لأننا نعيش في فراغ، ولو أن الإنسان قرأ في جلوسه آية من القرآن لكان خيراً له، فالحرف الواحد بعشر حسنات.

إذاً: هذا عمى في البصيرة، وقلة تفكر، ومن كان هذا حاله فإنه لا يفقه ولا يعقل، إذ كيف يضيع الساعات الطوال في سهرات أمام التلفزيون، ويقول لك: نقتل الوقت؟! وكذلك: الولائم الدعوات السياحة السفر كل هذه الأشياء يقتلون بها الوقت!! وما يقتلون إلا أنفسهم وما يشعرون! فضول المجالس مما يفسد الوقت، قال بعض السلف: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب.

كيف كان احترام السلف للوقت؟ سنعجب إذا ذكرنا نماذج من ذلك، فلقد أصبحنا غرباء عنها تماماً.

كان بعض العلماء إذا خرج إلى الخلاء أعطى ولده الكتاب، ويقول له: اقرأ علي.

فيتعلم حتى في أثناء جلوسه في الخلاء؛ لأنه يحرم عليه أن يذكر الله وهو في الخلاء، فيجعل ولده يقرأ له حتى لا يضيع هذا الوقت!! الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول إذا خرج من الخلاء: (غفرانك)، ماذا قال العلماء في تفسيرها؟ قالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم تمنعه هذه الحالة من الاستغفار، وتمنعه من ذكر الله سبحانه وتعالى، وقد كان يداوم على الذكر في كل آناء الليل وأطراف النهار، فلما انقطع لسانه عن الذكر في هذه الحالة عدّ هذا من التقصير في جنب الله، فجبرها حينما خرج بقوله: (غفرانك) أي: اغفر لي هذا الانقطاع عن ذكرك في هذه اللحظات! فمن فضول المخالطة أن تعتكف في مجالس الدردشة على اللهو، والعبث، والفسق، والغيبة، والنميمة، وكل هذا الباطل الذي يقضي على الفراغ، وينبغي للمسلم ألا يكون عنده شيء اسمه: فراغ؛ لأنك إن لم تشغل نفسك بالحق ستشغلك نفسك بالباطل.

يقول بعض السلف: شتان بين أقوام موتى تحيا القلوب بذكرهم، وبين أقوام أحياء تموت القلوب برؤيتهم.

فهناك قوم موتى قد دفنوا في التراب: من الصحابة من العلماء من السلف رضي الله عنهم، إذا ذُكروا تحيا القلوب بذكرهم وهم أموات!! وقوم أحياء تموت القلوب بمخالطتهم.

ففضول المخالطة والهمجية في تضييع الوقت في مجالس الدردشة، والتسلية، والفكاهات، والنوادر، والمسرحيات، وغيرها؛ كل هذه الأشياء -حتى لو افترضنا أن فيها أشياء مباحة- من الخسران، فما بالك إذا انضم إليها الفساد، والفسق، والعصيان؟!