للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السلفية هي الإسلام]

السلفية هي منهج الخيرية، وهذه ليست دعوة مجردة عن الدليل، إنما هي دعوة مسندة، وهي أقوى ما نفحم به كل من خالف المنهج السلفي، هناك محاولات لقطع السلفية عن جذورها الحية، وقطع هذا الشريان الممتد والضارب إلى أعماق التاريخي الإسلامي، ومن هذه المحاولات محاولة نسبة المذهب السلفي إلى الإمام أحمد بن حنبل أو نسبته إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أو نسبته إلى شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، فنقول: نحن لسنا تيميين، ولسنا وهابيين كما يدعوننا، هذه في الحقيقة مغالطة، صحيح أن الإمام أحمد له خصيصة، وأنه لقب بإمام أهل السنة، بل نقول: لو قدر أن ابن تيمية لم يخلق أصلاً، ولو قدر أن محمد بن عبد الوهاب لم يخلق، ولو قدر أن الإمام أحمد لم يخلق، فهل كان سيضيع المنهج السلفي؟ ما كان ليضيع أبداً؛ لأنه هو الإسلام الصافي في جوهره الأصيل، هؤلاء المجددون كل الذي فعلوه أنهم نفضوا الغبار عن هذا المنهج، لكنهم لم يبتدعوا ولم ينشئوا مذهباً، إنما ضبط ابن تيمية المنهج وحرر قواعده، وأصلها ولم يخترع شيئاً في دين الله تبارك وتعالى.

التشنيع على هذا المنهج بالافتراءات الظالمة هدفها قطع جذور هذا المنهج، أحد المعاصرين له كتاب اسمه: تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد، وأنا أعجب من صاحب هذا الكتاب، فهو يذكر الفرق والمذاهب السياسية المتفشية ويقول: التعريف الإجمالي آثارهم فرقهم المبادئ التي تجمعهم اختلافهم ومناقشتهم إلخ، ثم ذكر الجبرية، القدرية، المعتزلة، الأشاعرة، ثم وضع في ضمن الفرق: السلفية وقال: السلفيون، ثم يقول: ونقصد بالسلفيين أولئك الذين نحلوا أنفسهم ذلك الوقت، وسنناقش بعض آرائهم من حيث كونها مذهب السلف، وقد ظهروا في القرن الرابع الهجري، وكانوا من الحنابلة، وزعموا بأن جملة آرائهم تنتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيا عقيدة السلف، وحارب دونها، ثم تجدد ظهورهم في القرن السابع الهجري، فأحياه شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم ظهرت تلك الآراء في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري إلى آخره، وقد ذكر جميع الفرق وقال مني كل فرقة: مذاهبهم آراؤهم أما عند ذكر السلفيين فانظر إلى العنوان الرئيسي في الصفحة حيث يقول: منهاج هؤلاء السلفيين! يعني: توتر في العبارة، وابتعد عن الإنصاف، لماذا بالذات عند ذكر السلفيين تقول: منهاج هؤلاء السلفيين؟ ثم انظر هذه الجملة التي هي في الحقيقة سهم الأقربين، وهي وسام شرف على صدر السلفيين يقول: علمنا أن المعتزلة نهجوا في بيان العقيدة الإسلامية منهجاً فلسفياً قبسوه من منطق اليونان ومن طرائق الفلاسفة في الجدل والمناظرة، وقد كان الدفاع عن الإسلام باعثاً لهم لأن ينهجوا ذلك المنهج -كأنه يدافع عن المعتزلة في سلوكهم هذا المنهج- وجاراهم في ذلك المنهاج الفلسفي الأشاعرة والماتريدية -وأيضاً الأشاعرة تلطخوا بالفلسفة والماتريدية كذلك-، وهؤلاء الأخيرون قاربوهم في أكثر ما انتهوا إليه من النتائج، وإن ناقشوهم على الأساس، ولقد جاء أولئك السلفيون فخالفوا ذلك المنهاج! انظر إلى المصيبة! السلفيون خالفوا ذلك المنهاج ورفضوا الفلسفة والمنطق اليوناني، ورفضوا علم الكلام، ما جريمة السلفيين؟! وهذا من باب (شهد شاهد من أهلها)، قال: جاء أولئك السلفيون فخالفوا ذلك المنهاج، وأرادوا -انظر يا لهول ما قال! - أن تعود دراسة العقائد إلى ما كانت عليه في عهد الصحابة والتابعين، -أنا أنقل إليكم من الكتاب دون واسطة- فلا يأخذونها إلا من الكتاب والسنة، فيأخذون من القرآن أصل العقيدة، والدليل الذي بنيت عليه العقيدة، ويمنعون العلماء من أن يفكروا في أدلة القرآن.

وإذا كان الباقلاني قد سوغ لنفسه أن يقيد السلفيون الناس بأدلة الأشعري فأولى ثم أولى أن يقيدوا الناس بأدلة القرآن، وفي الحقيقة من أراد أن يمدح المنهج السلفي فلن يجد أعظم من هذا الاقتباس كي يمدح به هذا المنهج العظيم.

وبعدما أفاض في الكلام، قال في آخره: مذاهب حديثة! يعني: هذه الفرق التي مضت هي المذاهب القديمة، والآن يتكلم عن المذاهب الحديثة، فتكلم على ثلاثة مذاهب، وقرن السلفيين بمذاهب حديثة فقال: الوهابية البهائية القاديانية! فانظر كيف يصل التوتر والتعصب إلى حد أن يدرج السلفيين ويقرنهم بالبهائية والقاديانية، ويسميهم: الوهابيين! نكتفي بهذا الاقتباس للتعبير عن نموذج من نماذج التشنيع على السلفية بالافتراءات الظالمة، وبالألقاب المنفرة.