للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رد الإمام الأشعري على منكري الاستواء]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم قال: فصل، وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية].

الحرورية هم الخوارج، سموا بذلك؛ لأنهم سكنوا بلدة تسمى حروراء.

[إن معنى قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥]، أنه استولى وملك وقهر، وأن الله عز وجل في كل مكان، وجحدوا أن يكون على عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، فلو كان كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة؛ لأن الله قادر على كل شيء، والأرض فالله قادر عليها وعلى الحشوش وعلى كل ما في العالم، فلو كان الله مستوياً على العرش، بمعنى: الاستيلاء، وهو عز وجل مستوياً على الأشياء كلها، لكان مستوياً على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقذار؛ لأنه قادر على الأشياء مستول عليها، وإذا كان قادراً على الأشياء كلها، ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول: إن الله مستو على الحشوش والأخلية، لم يجز أن يكون الاستواء على العرش بمعنى الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها، ووجب أن يكون معنى الاستواء يخص العرش دون الأشياء كلها.

وذكر دلالات من القرآن والحديث والإجماع والعقل.

ثم قال: باب الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين.

وذكر الآيات في ذلك، ورد على المتأولين بكلام طويل لا يتسع هذا الموضع لحكايته، مثل قوله: فإن سئلنا: أتقولون ذلك: لله يدان؟ قيل: نقول ذلك.

وقد دل عليه قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:١٠]، وقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:٧٥]، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله مسح ظهر آدم بيده، واستخرج منه ذريته)، وقد جاء في الخبر المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الله خلق آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده)، وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل: عملت كذا بيدي ويريد به النعمة].

والمؤلف رحمه الله قصده من هذا تبيين أن أهل السنة كلهم متفقون على إثبات الصفات لله عز وجل، وأن إنكار الجهمية والأشاعرة والمعتزلة في الصفات مخالفة لما أجمع عليه أهل السنة والجماعة والعلماء والأئمة.

قال رحمه الله تعالى: [وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل: عملت كذا بيدي ويريد به النعمة، وإذا كان الله إنما خاطب العرب بلغتها، وما يجري مفهوماً من كلامها ومعقولاً في خطابها، وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيدي ويعني به النعمة، بطل أن يكون معنى قوله تعالى: (بيدي) النعمة، وذكر كلاماً طويلاً في تقرير هذا ونحوه].

<<  <  ج: ص:  >  >>