للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إثبات السلف للصفات ومعانيها وبعدهم عن التشبيه والتفويض]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والله يعلم أني بعد البحث التام ومطالعة ما أمكن من كلام السلف ما رأيت كلام أحد منهم يدل - لا نصاً ولا ظاهراً ولا بالقرائن - على نفي الصفات الخبرية في نفس الأمر، بل الذي رأيته أن كثيراً من كلامهم يدل - إما نصاً وإما ظاهراً - على تقرير جنس هذه الصفات، ولا أنقل عن كل واحد منهم إثبات كل صفة، بل الذي رأيته أنهم يثبتون جنسها في الجملة، وما رأيت أحداً منهم نفاها، وإنما ينفون التشبيه وينكرون على المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه مع إنكارهم على من نفى الصفات، كقول نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً.

وكانوا إذا رأوا الرجل قد أغرق في نفي التشبيه من غير إثبات الصفات قالوا: جهمي معطل، وهذا كثير جداً في كلامهم].

يعني: أنه إذا غلا الرجل في نفي التشبيه أوصله هذا الغلو إلى نفي الصفات؛ فالمعطلة غالوا في التنزيه حتى نفوا الصفات، والمشبهة غالوا في الإثبات حتى شبهوا الله بخلقه، وهذا باطل، والمذهب الحق بين هذين الباطلين هو إثبات الصفات من غير تشبيه، وتنزيه الرب عن مماثلة المخلوقات من غير نفي للصفات ولا تعطيل لها، فلا تغلوا في التنزيه حتى تصيروا إلى تعطيل الصفات، ولا تغلو في الإثبات حتى تشبهوا، بل إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>