للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خطر عقيدة الجهمية وقدحهم في الأنبياء]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حتى إن منهم من غلا ورمى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بذلك، حتى قال ثمامة بن الأشرس من رؤساء الجهمية: ثلاثة من الأنبياء مشبهة: موسى حيث قال: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} [الأعراف:١٥٥] وعيسى حيث قال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة:١١٦] ومحمد حيث قال: (ينزل ربنا)!].

فوصل بهم الحال إلى هذا الحد والعياذ بالله! فوصفوا الأنبياء بالتشبيه، فهذا ثمامة بن الأشرس قبحه الله من المعتزلة يقول: ثلاثة من الأنبياء مشبهة: موسى حيث قال: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} [الأعراف:١٥٥]، وعيسى حينما قال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة:١١٦] فأثبت لله نفساً، ومحمد حين قال (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) فأثبت النزول وهو من صفات المخلوقين كما يدعون، ولهذا أكثر هؤلاء زنادقة، فقد تمنى الجهم بن صفوان أن هذه الآية لم تنزل، وهي قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] وهذا يدل على نفاقهم وزندقتهم، ولذلك يكثر النفاق والزندقة في المعتزلة، نسأل الله السلامة والعافية.

وثمامة بن الأشرس هو أبو معن النميري البصري من كبار المعتزلة بل من غلاتهم قبحه الله، وتروى عنه بعض الأقوال الجسيمة، كقوله: المقلدون من أهل الكتاب وعبدة الأوثان لا يدخلون النار، بل يصيرون تراباً، أما من مات مسلماً وهو مصرٌّ على كبيرته خلد في النار! ويقول إن أطفال المؤمنين يصيرون تراباً، إلى غير ذلك من الأقوال الشنيعة.

وقال عنه ابن قتيبة: ثم نصير إلى ثمامة فنجده من رقة الدين، ونقص الإسلام، والاستهزاء به، وإرساله لسانه على ما لا يكون على مثله رجل يعرف الله ويؤمن به، وقال عنه ابن حجر: ثمامة بن الأشرس من كبار المعتزلة ومن رءوس الضلالة، توفي سنة (٢١٣هـ).

وهو معتزلي، ولكن المؤلف رحمه الله يسمي الجميع جهمية، ويقسمهم إلى الجهمية المحضة، وجهمية المعتزلة، وجهمية الأشاعرة، فكلهم جهمية عنده رحمه الله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وحتى إن جل المعتزلة تدخل عامة الأئمة مثل مالك وأصحابه والثوري وأصحابه والأوزاعي وأصحابه والشافعي وأصحابه وأحمد وأصحابه وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد وغيرهم في قسم المشبهة].

والمؤلف يسميهم جهمية؛ لأنهم وافقوا الجهم في إنكار بقية الصفات؛ لأن أصل هذا المذهب لـ الجهم، فنفي الصفات أتى منه، لكن منهم من غلا في نفي الأسماء والصفات كـ الجهم، فمن أثبت الأسماء ونفى الصفات عنده من نوع التجهم، ومن أثبت سبع صفات وأنكر باقي الصفات فعنده نوع تجهم، وكل من أنكر شيئاً من الصفات ففيه نوع من التجهم، يعني: نوع من موافقة لـ الجهم في مذهبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>