للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأسماء والصفات توقيفية]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [اعلم -رحمك الله- أن في العصمة في الدين أن تنتهي في الدين حيث انتهى بك، ولا تجاوز ما حَدَّ لك، فإن من قوام الدين معرفة المعروف، وإنكار المنكر، فما بُسطت عليه المعرفة، وسكنت إليه الأفئدة، وذكر أصله في الكتاب والسنة، وتوارثت علمه الأمة، فلا تَخافنَّ في ذكره وصفته من ربك ما وصفه من نفسه عيباً، ولا تتكلفن بما وصف لك من ذلك قدراً.

وما أنكرته نفسك، ولم تجد ذكره في كتاب ربك، ولا في الحديث عن نبيك صلى الله عليه وسلم - من ذكر ربك - فلا تكلفن علمه بعقلك، ولا تصفه بلسانك واصمت عنه كما صمت الرب عنه من نفسه، فإن تكلفك معرفة ما لم يصف من نفسه كإنكارك ما وصف منها، فكما أعظمت ما جحد الجاحدون مما وصف من نفسه، فكذلك أعظم تكلف ما وصف الواصفون مما لم يصف منها].

هذا هو العدل كما أنه لا يجوز له أن ينفي شيئاً من أسماء الله وصفاته فليس له أن يخترع لله أسماء وصفات من عند نفسه لأن الأسماء والصفات توقيفية، ما يثبت لله إلا ما ثبت في الكتاب والسنة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فقد والله عز المسلمون الذين يعرفون المعروف وبمعرفتهم يعرف، وينكرون المنكر وبإنكارهم ينكر، يسمعون ما وصف الله به نفسه من هذا في كتابه، وما بلغهم مثله عن نبيه، فما مرض من ذكر هذا وتسميته قلب مسلم، ولا تكلف صفة قدره ولا تسمية غيره من الرب مؤمن].

يعني: لا يمرض من التسمية والذكر قلب مسلم ما دام أنه ذكر وتسمية من الكتاب والسنة.

فالأسماء والصفات التي وردت في الكتاب والسنة يسميها الإنسان ولا يمرض من ذكرها ولكن المصيبة أن يسمي الله بأسماء وصفات لم ترد في الكتاب ولا في السنة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سماه من صفة ربه، فهو بمنزلة ما سمى وما وصف الرب من نفسه].

ما سماه الرسول أو وصفه فهو مثل ما سماه الله أو وصفه في نفسه؛ لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم وحي.

(وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) الراسخون حيث انتهى علمهم، الواصفون لربهم بما وصف من نفسه، التاركون لما ترك من ذكرها - لا ينكرون صفة ما سُمِّيَ منها جحداً، ولا يتكلفون وصفه بما لم يسم تعمقاً؛ لأن الحق ترك ما ترك، وتسمية ما سمى، {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:١١٥] وهبَ الله لنا ولكم حكماً، وألحقنا بالصالحين.

وهذا كله كلام ابن الماجشون الإمام فتدبره وانظر كيف أثبت الصفات، ونفى علم الكيفية - موافقةً لغيره من الأئمة - وكيف أنكر على من نفى الصفات بأنه يلزمهم من إثباتها كذا وكذا كما تقوله الجهمية، أنه يلزم أن يكون جسماً أو عرضاً فيكون محدثاً].

<<  <  ج: ص:  >  >>