للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اعتقاد عبد القادر الجيلاني في العلو]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومن متأخريهم الإمام أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي قال في كتاب الغنية:].

يقال الجيلي والجيلاني وكلاهما واحد.

وهو عبد القادر بن أبي صالح عبد الله الجيلي الحنبلي أبو محمد مولده بجيلان سنة إحدى وسبعين وأربع مائة، اشتهر بالزهد والعبادة، وكان يأكل من عمل يده، ذاع صيته واشتهر، من كبار الصوفية حتى نسبت له الطريقة القادرية، وهي من طرق الصوفية المشهورة، قال عنه الذهبي: الشيخ الإمام العالم الزاهد العارف القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء.

وقال في نهاية ترجمته: وفي الجملة الشيخ عبد القادر كبير الشأن وعليه مآخذ في بعض أقاويله ودعاويه، والله الموعد، وبعض ذلك مكذوب عليه.

انتهى.

وهو حنبلي معروف يثني عليه شيخ الإسلام كثيراً، له كتاب الغنية، وله قبر في العراق يعبد ويدعى من دون الله إلى الآن نسأل الله السلامة.

وقد نقل شيخ الإسلام عنه -أي: عبد القادر - أنه سئل: هل كان لله ولي على اعتقاد أحمد بن حنبل؟ فقال: لا كان ولا يكون.

انتهى.

وقال عنه ابن كثير: ويذكرون عنه أقوالاً وأفعالاً ومكاشفات أكثرها مغالاة، وقد كان صالحاً ورعاً، إلى أن قال: وبالجملة كان من سادات المشايخ.

وقال الشيخ عبد الله بن جبرين: إن أكثر ما ينقل عن مثل هؤلاء من أمور لا تتوافق مع الشرع فهو لم يقلها ولم يفعلها وما هي إلا من تلاميذهم وأتباعهم.

وقال عنه ابن رجب بعد أن ذكر أن بعض ما ينقل عنه لا يصح، قال: وللشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى كلام حسن في التوحيد والصفات والقدر، وفي علوم المعرفة موافق للسنة.

انتهى.

توفي سنة إحدى وستين وخمسمائة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن متأخريهم الإمام أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي قال في كتاب الغنية: أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار فهو أن يعرف ويتيقن أن الله واحد أحد].

قوله: (الصانع) هو من باب الخبر لا من باب التسمية كما أطلق ذلك شيخ الإسلام.

قال: [أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار فهو أن يعرف ويتقين أن الله واحد أحد إلى أن قال: وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:١٠]، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة:٥]].

الشاهد أنه يثبت الصفات، وأثبت الاستواء على العرش، وفيه الرد على أهل البدع من الجهمية وغيرهم.

قال: [ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان].

لأن هذا قول الحلولية وهو كفر نعوذ بالله.

قال: [بل يقال: إنه في السماء على العرش، كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] وذكر آيات وأحاديث إلى أن قال: وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، قال: وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف].

هذا يدل على أن له كلاماً جيداً في الاعتقاد والعلو رحمه الله.

قال: [وذكر كلاماً طويلاً لا يحتمله هذا الموضع، وذكر في سائر الصفات نحو هذا، ولو ذكرت ما قال العلماء في ذلك لطال الكتاب جداً].

<<  <  ج: ص:  >  >>