للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العبادة اللفظية]

ومنها اللفظية: وهي التي يتلفظ بها بلسانه، وأعلاها: النطق بكلمة التوحيد، أي: يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فمن اعتقد ما ذكر، ولم ينطق بها لم يحقن دمه ولا ماله، فإذا قال شخص: أنه يعتقد بأن الله هو الرب، الخالق، الرازق، المدبر، ويعتقد بأن الله هو المستحق للعبادة، لكن رفض أن ينطق بكلمة التوحيد، فلا يكون مسلماً، بل لابد أن يعتقد بها وينطق بالشهادتين، فإذا امتنع وكان قادراً على النطق بالشهادتين فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، لأن أصل التوحيد وأساس الملة: أن يشهد الإنسان لله تعالى بالوحدانية ولنبيه بالرسالة، فمن رفض أن يشهد لله بالوحدانية وللنبي بالرسالة، وهو يعتقد بها مع قدرته فإنه يقتل، ولا ينفعه اعتقاده في الباطن بأن الله مستحق للعبادة، إذ لو كان معتقداً أن الله مستحق للعبادة لنطق بالشهادتين، لأنه لا يمنعه شيء ما دام أنه قادر، ولذلك يقول المؤلف: من امتنع كان كإبليس، فإنه يعتقد التوحيد، بل ويقر به كما أسلفنا عنه، إلا أنه لم يمتثل أمر الله فكفر.

قوله: (وكان كإبليس) فيه نظر؛ لأن إبليس مقر بلسانه، لكن كفره بالإباء والاستكبار، فقد قابل إبليس أمر الله بالإباء والرفض، فاعترض على الله حين أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [البقرة:٣٤] فرفض وقال: ليس من الممكن أن أسجد له، فأنا عنصري مخلوق من نار، وعنصره مخلوق من طين، والنار أحسن من الطين، فكيف يسجد الفاضل للمفضول! وهذا اعتراض على الله، ولذلك كان أول من قاس قياساً فاسداً هو إبليس، ولا يوجد قياس مع النص، فإذا جاءك النص فسمعاً وطاعة، ولا تقس كإبليس، الذي جعل الله جزاؤه أن طرده من رحمته، وجعله شيطاناً رجيماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>