للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم صرف العبادة لغير الله]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن فعل شيئاً من ذلك لمخلوق حي أو ميت أو جماد أو غيره فقد أشرك في العبادة، وصار من تفعل له هذه الأمور إلهاً لعابديه، سواء كان ملكاً أو نبياً أو ولياً أو شجراً أو قبراً أو جنياً أو حياً أو ميتاً، وصار العابد بهذه العبادة، أو بأي نوع منها عابداً لذلك المخلوق مشركاً بالله، وإن أقر بالله وعبده؛ فإن إقرار المشركين بالله وتقربهم إليه لم يخرجهم عن الشرك، وعن وجوب سفك دمائهم، وسبي ذراريهم، وأخذ أموالهم غنيمة.

قال الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك)، لا يقبل الله عملاً شورك فيه غيره، ولا يؤمن به من عبد معه غيره.

قوله رحمه الله: (ومن فعل شيئاً من ذلك) يعني: من أنواع العبادة التي سبقت: من الدعاء والنداء والنذر والنحر والحلق والتقصير والركوع والسجود أو غيره، لمخلوق حي أو ميت أو جماد أو غيره، فقد أشرك في العبادة.

وقوله: (وصار من تفعل له هذه الأمور إلهاً لعابديه) يعني: من ركع لشخص أو سجد له أو نحر له أو ذبح له صار إلهاً له، أياً كان هذا الذي تفعل له، سواء كان ملكاً أو نبياً أو ولياً أو شجراً أو قبراً أو جنياً أو حياً أو ميتاً، فكل من تفعل له هذه الأشياء صار معبوداً لهذا الشخص الذي يفعل هذا، وصار العابد بأي نوع من أنواع العبادة عابداً لذلك المخلوق، ومشركاً بالله، وإذا كان مقراً بالله ومشركاً به، فإن هذا لا ينفعه، ما دام أنه يصرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فلو عبد الله وأقر بربوبيته ووجوده، وبأسمائه وصفاته، لكنه يصرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فإنه يكون مشركاً.

وقوله: (فإن إقرار المشركين بالله وتقربهم إليه لم يخرجهم عن الشرك).

أي: أن المشركين أقروا بالله وتقربوا إليه وعبدوه، فجوا وصلوا وصاموا يوم عاشوراء في الجاهلية، لكنهم مشركين؛ لأنهم يعبدون معه غيره، فلم تنفعهم هذه العبادات، ولم تخرجهم عن الشرك كما قال المؤلف: (فإن إقرار المشركين بالله وتقربهم إليه لم يخرجهم عن الشرك، وعن وجوب سفك دمائهم وسبي ذراريهم) والرسول عليه الصلاة والسلام قد قاتلهم، واستحل دماءهم وأموالهم، لأنهم أشركوا مع الله غيره.

قال الله تعالى في الحديث القدسي الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيره تركته وشركه)، وأما قوله: (لا يقبل الله عملاً شورك فيه غيره) ظاهره أنه حديث، لكن يقول المحشي: لم أجد من أخرجه بهذا اللفظ.

(ولا يؤمن به من عبد ما سواه) يعني: لا يؤمن بالله الإيمان الصحيح من عبد معه غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>