للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاعتقاد في غير الله تعالى في النفع والضر شرك]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: الاعتقاد في غير الله تعالى في النفع والضر شرك.

قد عرفت من هذا كله أن من اعتقد في شجر أو حجر أو قبر أو ملك أو جني أو حي أو ميت أنه ينفع أو يضر، أو أنه يقرب إلى الله تعالى، أو يشفع عنده في حاجة من حوائج الدنيا بمجرد التشفع به، والتوسل إلى الرب تعالى -إلا ما ورد من حديث فيه مقال في حق نبينا صلى الله عليه وسلم، أو نحو ذلك- فإنه قد أشرك مع الله تعالى غيره، واعتقد ما لا يحل اعتقاده، كما اعتقده المشركون في الأوثان، فضلاً عمن ينذر بماله وولده لميت أو حي، أو يطلب من ذلك الميت ما لا يطلب إلا من الله تعالى من الحاجات: من عافية مريضه، أو قدوم غائبه، أو نيله لأي مطلب من المطالب، فإن هذا هو الشرك بعينه الذي كان ويكون عليه عباد الأصنام.

والنذر بالمال على الميت ونحوه، والنحر على القبر، والتوسل به، وطلب الحاجات منه، هو بعينه الذي كانت تفعله الجاهلية، وإنما كانوا يفعلونه لما يسمونه وثناً وصنماً، وفعله القبوريون لما يسمونه ولياً وقبراً ومشهداً، والأسماء لا أثر لها ولا تغير المعاني].

هذا الفصل يبين فيه المؤلف رحمه الله أن من أشرك بالله في العبادة أو الربوبية فإن أعماله حابطة، ويكون مشركاً بالله عز وجل، ولا ينفعه إقراره بربوبية الله، ولهذا قال: (قد عرفت من هذا كله أن من اعتقد في شجر أو حجر أو قبر أو ملك أو جني أو حي أو ميت أنه ينفع أو يضر، أو أنه يقرب إلى الله، أو يشفع عنده في حاجة من الحوائج بمجرد التشفع به والتوسل، فهو مشرك) أي: من اعتقد في الشجر أو الحجر أو القبر أنه ينفع أو يضر، فهذا أشرك في الربوبية.

لكن الغالب على المشركين أنهم لا يعتقدون أنهم ينفعون أو يضرون، وإنما الذي يعتقدوه في الأشجار والأحجار والقبور والملائكة والجن أنهم يقربونهم إلى الله، وأنهم يشفعون لهم، وهذا الذي عليه غالب المشركين.

أما من اعتقد أن أحداً ينفع أو يضر فهذا إشراك في الربوبية، والواجب أن تعتقد أن الله هو الخالق الرازق المالك النافع الضار، ومن اعتقد أن أحداً ينفع أو يضر فقد أشرك في الربوبية، زائداً عن الشرك في العبادة والألوهية، وهذا يوجد في بعض المشركين على قلة، لكن غالب المشركين يقرون بالربوبية، ومن اعتقد أن أحداً يقرب إلى الله، أو يشفع عنده فقد أشرك في العبادة كما قال المؤلف: [أو يشفع عندهم في حاجة من حوائج الدنيا بمجرد التشفع، والتوسل إلى الرب تعالى] يعني: من اعتقد أن أحداً يقرب إلى الله بمجرد التشفع والتوسل، كأن يدعو غيره أو يذبح له، ويعتقد أنها وسيلة إلى الله فقد أشرك مع الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>