للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم إعذار عوام أهل الأهواء والبدع بالجهل]

السؤال

هل يعذر عوام الصوفية وعباد القبور وعوام الروافض بالجهل؟

الجواب

أظن أن العوام في العصر الحاضر قد بلغتهم الدعوة، فمن بلغتهم الدعوة وبلغتهم الحجة وبلغهم القرآن والسنة فلا يعذرون، إنما الذي يعذر في هذا من لم تبلغه الحجة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:١٥]، وقد بعث الرسول، وقال سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:١٩]، فمن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار)، فمن قامت عليه الحجة وبلغه الدليل لا يكون معذوراً، ولا يشترط فهم الحجة، بل يكفي بلوغ الحجة، أن يعرف أن هذا دليل على هذا الشيء، لكن قال بعض أهل العلم: إنه لو وجد بعض الناس ممن اشتبه عليه الأمر ولبس عليه الحق ولم يعرف الحق بسبب تغطية الحق عليه وسيطرة أهل الضلال وأهل الشرك عليه، حتى أفهموه أن هذا الباطل هو الحق، فإنه يكون حكمه حكم أهل الفترة، ويكون أمره إلى الله عز وجل، ولكنه إذا مات على هذه الحالة، لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين في مقابرهم ولا يدعى له وعلى كل حال فإن من بلغته الدعوة وبلغه القرآن وبلغته السنة، وعلم أن هذا الأمر محرم لا يكون معذوراً، والآن بلغت دعوة الإسلام مشارق الأرض ومغاربها، لكن كون بعض المشركين يصم أذنه عن سماع الحق ولا يقبل الحق ويرد الحق ليس عذراً له، فيجب على الإنسان أن يتعرف على الحق ويطلب الحق ويسأل عن الحق ويسأل عن دينه، فكما أنه يسعى في أمور دنياه في كسبه ومعاشه وبيعه وشرائه، كذلك يجب عليه أن يتعلم دينه، وأن يسأل عما أشكل عليه، وأن يبحث عن الحق، وإذا كان لا يعرف الحق فهو معذور، وإذا كان يستطيع أن يعرف الحق ويستطيع أن يسأل فلم يسأل فلا يكون معذوراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>