للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمية الذنب كفراً

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن النوع الذي فيه تسمية الكفر: قول النبي صلى الله عليه وسلم حين مطروا فقال: (أتدرون ما قال ربكم؟ قال: أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما الذي يقول: مطرنا بنجم كذا وكذا كافر بي مؤمن بالكوكب، والذي يقول: هذا رزق الله ورحمته مؤمن بي وكافر بالكوكب)].

الحديث رواه الشيخان من حديث زيد بن خالد الجهني، والمؤلف رحمه الله رواه بالمعنى، قال زيد بن خالد الجهني: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء من الليل -يعني: على إثر مطر-، فأقبل علينا بوجهه فقال عليه الصلاة والسلام: أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)، فقوله: (كافر بي) هذا فيه تفصيل: فإن اعتقد أن للنجم تأثيراً في إنزال المطر فهذا كفر أكبر؛ لأنه شرك في الربوبية، أما إذا اعتقد أن منزل المطر هو الله ولكن النجم سبب فهذا كفر أصغر لا يخرج من الملة، فيكون صاحبه ضعيف الإيمان.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)].

هذا الحديث ثابت في الصحيحين، والقتال بين المسلمين كفر أصغر لا يخرج من الملة، إلا إذا قاتل المسلم أخاه ورأى أن دم أخيه حلال، فهذا كفر أكبر، لكن إذا كان القتال من أجل الشحناء والعداوة مع علمه أن القتال حرام ولا يجوز فهذا كفر أصغر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: (من قال لصاحبه: كافر، فقد باء به أحدهما)].

هذا الحديث أيضاً متفق عليه، فمن قال لأخيه: يا كافر! يا منافق! فهذا كفر أصغر ينافي كمال الإيمان.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: (من أتى ساحراً أو كاهناً فصدقه بما يقول، أو أتى حائضاً أو امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، أو كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)].

هذا الحديث ثابت أيضاً، وفيه الوعيد الشديد على من صدق ساحراً أو كاهناً أو أتى المرأة في دبرها، وأن هذا من كبائر الذنوب، لكن تصديق الكاهن فيه تفصيل: فإن صدقه في دعوى علم الغيب فهو كفر وردة؛ لأنه مكذب لله، قال الله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل:٦٥]، أما إذا صدقه في شيء لا يتعلق بعلم الغيب -كأن يصدقه مثلاً في معرفة مكان المسروق أو الضالة- فهذا قد يعلمه بعض الناس بواسطة القرين، لكن إذا صدقه في دعوى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله يكون كفراً وردة، أما إذا صدقه فيما دون ذلك فهذا جاء فيه الوعيد الشديد، وإيمانه ضعيف، وكذلك من أتى المرأة في دبرها، فهذا من كبائر الذنوب، وهو كفر أصغر، وإذا استحله كفر الكفر الأكبر، نسأل الله العافية.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقول عبد الله: (سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر)، وبعضهم يرفعه].

الحديث ثابت مرفوع في صحيح مسلم، فإذا سب المسلم أخاه فهذا فسق، فيكون ضعيف الإيمان، وقتاله كفر أصغر لا يخرج من الملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>