للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصوص الدالة على أن المعاصي لا تزيل إيماناً ولا توجب كفراً وإنما تنفي حقيقته

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد وجدنا لهذين النوعين من الدلائل في الكتاب والسنة نحواً مما وجدنا في النوعين الأولين، فمن الشاهد على الشرك في التنزيل: قول الله تبارك وتعالى في آدم وحواء عند كلام إبليس إياهما {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف:١٨٩] إلى {جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف:١٩٠]، وإنما هو في التأويل: أن الشيطان قال لهما: سميا ولدكما عبد الحارث، فهل لأحد يعرف الله ودينه أن يتوهم عليهما الإشراك بالله مع النبوة والمكان من الله؟! فقد سمى فعلهما شركاً وليس هو الشرك بالله].

سبق أن المؤلف رحمه الله ذكر أن المعاصي التي يفعلها المؤمنون جاءت على أربعة أنواع: النوع الأول: نفي الإيمان عن العاصي، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن).

النوع الثاني: البراءة منه، كقوله عليه الصلاة والسلام: (برئ النبي صلى الله عليه وسلم من الصالقة والحالقة والشاقة).

النوع الثالث: أن يخبر عنه بأنه شرك، كقوله عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك).

النوع الرابع: أن يخبر عنه بأنه كفر، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفر).

وسبق الكلام على بيان معناها وتأويلها عند أهل العلم، وذكر المؤلف رحمه الله مثالاً هنا لما ورد في النصوص تسميته شركاً، وهو من الكبائر ومن الشرك الأصغر الذي لا يصل إلى حد الشرك الأكبر فقال: (فمن الشاهد على الشرك في التنزيل قول الله تبارك وتعالى لآدم وحواء عند كلام إبليس إياهما: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف:١٨٩ - ١٩٠]، أن الشيطان قال لهما: سميا ولدكما عبد الحارث، فهل لأحد يعرف الله ودينه أن يتوهم عليهما الإشراك بالله مع النبوة والمكان من الله؟! فقد سمى فعلهما شركاً وليس هو الشرك بالله.

هذه القصة ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه يقول: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف:١٨٩]، ظاهر السياق أنه في آدم وحواء، فقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأعراف:١٨٩] هي آدم {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف:١] هي حواء {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف:١٨٩] أي: ليسكن آدم إلى زوجه {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} [الأعراف:١٨٩] يعني: جامعها {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف:١٨٩].

دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً، يعني: ولداً حليماً مستوي الخلقة {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف:١٨٩] {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف:١٩٠]، ذكر المفسرون في تفسير هذه الآية أثراً عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الشيطان جاء لهما لما حملت حواء وقال لهما: سمياه عبد الحارث؛ لئن لم تسميه عبد الحارث لأجعلن له قرني أيل فيخرج من بطنك فيشقها، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتاً ثم حملت المرة الثانية فأتاهما فقال لهما مثل ذلك، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتاً، ثم حملت في المرة الثالثة فقال لهما مثل ذلك فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث.

<<  <  ج: ص:  >  >>