للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان وجه الدلالة من النصوص السابقة وتوجيهها]

قال المؤلف رحمه الله: [فقد أخبرك أن في الذنوب أنواعاً كثيرة تسمى بهذا الاسم، وهي غير الإشراك التي يتخذ لها مع الله إلهاً غيره].

هذا بيان وجه الدلالة من هذه النصوص، يقول: هناك ذنوب كثيرة سميت شركاً، منها: ما وقع من الأبوين، ومنها: الرياء، ومنها: الحلف بغير الله، ومنها ما جاء في حديث ابن مسعود أن الربا بضع وستون باباً، والشرك مثل ذلك، يعني: هو بضع وستون باباً، وهي ذنوب سميت شركاً.

قوله: (وهي غير الإشراك الذي يتخذ لها مع الله إلهاً غيره) يعني: غير الشرك الأكبر الذي يكون شركاً في العبادة ويخرج من الملة، وإنما هي معاص وكبائر سميت شركاً، فهي تضعف الإيمان وتنقصه، ولا يخرج صاحبها عن اسم الإيمان بل يبقى اسم الإيمان عليه كسائر المعاصي، فإذا ارتكب كبيرة، زنا أو سرق أو شرب الخمر أو عق والديه أو قطع رحمه أو شهد زوراً أو حلف بغير الله فإن إيمانه يكون ضعيفاً ناقصاً، ولن ينتهي إلا إذا فعل الشرك الأكبر، فالمؤلف يبين أن بعض الذنوب تسمى شركاً ولا يخرج صاحبها عن الإيمان، وإن كانت أكبر من الكبائر، ولذلك ما سميت شركاً وكفراً أكبر من الكبائر إلا لأنها لا تخرج من الملة؛ لأنها ليست شركاً في العبادة ولا ناقضاً من نواقض الإسلام.

قال المؤلف رحمه الله: [تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فليس لهذه الأبواب عندنا وجوه إلا أنها أخلاق المشركين وتسميتهم وسننهم وألفاظهم وأحكامهم ونحو ذلك من أمورهم].

سبق الكلام أن الأصل في هذا أن يقال: إن هذه النصوص تفيد الوعيد والزجر وأنها من الكبائر، وما سميت شركاً أو كفراً فهو أصغر لا يخرج من الملة ما لم يكن شركاً في العبادة أو ناقضاً من نواقض الإسلام، فإذا حلف بغير الله يكون إيمانه ناقصاً وضعيفاً، لكن لا يخرج من الإيمان ولا ينتهي إيمانه إلا بالشرك الأكبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>