للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مذهب المعتزلة في الإيمان]

قال المؤلف رحمه الله: [وقالت المعتزلة].

وهم أتباع عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء، وسموا بذلك؛ لأنهم اعتزلوا مجلس الحسن البصري وصاروا يقررون مذاهبهم الباطلة في القول بأن مرتكب الكبيرة خارجاً من الإيمان.

قال المؤلف رحمه الله: [وقالت المعتزلة: الإيمان بالقلب واللسان مع اجتناب الكبائر، فمن قارف شيئاً كبيراً زال عنه الإيمان، ولم يلحق بالكفر فسمي فاسقاً ليس بمؤمن ولا كافر، إلا أن أحكام الإيمان جارية عليه].

مذهب المعتزلة في الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالقلب وبالجوارح واجتناب الكبائر كلها، فلابد أن يؤدي الفرائض وينتهي عن الكبائر، ولا يكون مؤمناً إلا إذا صدق بقلبه وأقر بلسانه وأدى الفرائض واجتنب الكبائر، لكن الخلاف بينهم وبين أهل السنة أن من قارف كبيرة واحدة انتهى إيمانه، فإذا زنا أو سرق خرج من الإيمان، وإذا غش أو عق والديه خرج من الإيمان، لكن لا يكون كافراً، بل خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر، وهو في منزلة بين المنزلتين، ليس بمؤمن ولا كافر، إلا أن أحكام الإيمان جارية عليه، والخوارج كذلك مثلهم، مع خلاف في أحكام الدنيا، أما في الآخرة فيحكمون عليه بأنه مخلد في النار، فالذي يفعل كبيرة خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر وصار في منزلة بين المنزلتين ويسمى فاسقاً وليس بمؤمن ولا كافر وهو في الآخرة مخلد في النار.

أما الإيمان عند الخوارج فهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح وأداء للفرائض وانتهاء عن المحارم، ولا يكون مؤمناً إلا إذا صدق بقلبه وأقر بلسانه وأدى الفرائض واجتنب الكبائر، لكن الفرق بينهم وبين أهل السنة أن من فعل كبيرة عند الخوارج خرج من الإيمان ودخل في الكفر، أما في الدنيا فتجرى عليه أحكام الكفرة فيستحلون دمه وماله, وفي الآخرة هو مخلد في النار، فالخوارج والمعتزلة يتفقون في تعريف الإيمان وفي أن صاحب الكبيرة يخرج من الإيمان ويخلد في النار، لكن في أحكام الدنيا: المعتزلة قالوا: خرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر وتجرى عليه أحكام الإسلام, والخوارج قالوا: خرج من الإيمان ودخل في الكفر وتجرى عليه أحكام الكفرة فيقتل ويحل دمه وماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>