للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم تارك بعض الصلوات]

السؤال

من الناس من لا ينتظم في صلاته فيصلي بعض الفروض لا كلها، فهل هذا الصنف من الناس حكمه حكم من ترك الصلاة كلياً؟

الجواب

هذه المسألة خلافية بين أهل العلم، فمن العلماء من قال: إنه لا يكفر إلا إذا ترك الصلوات كلها، أما من كان يصلي ويترك بعضاً من الصلاة فإنه لا يكفر حتى يترك جميع الصلوات.

وقال قوم من أهل العلم: يكفر إذا ترك فرضاً واحداً متعمداً وليس له عذر حتى خرج الوقت، واستدلوا بما جاء في صحيح البخاري من حديث بريدة بن حصيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) والذي يحبط عمله هو الكافر، وهذا أصح الأقوال، وهو أنه إذا ترك فرضاً واحداً متعمداً حتى خرج الوقت وليس له عذر كفر، أما إذا كان نائماً نوماً يعذر فيه، أو كان متأولاً، مثل بعض المرضى في المستشفى يتأول فلا يصلي، فإذا قيل له: لماذا لا تصلي؟ قال: كيف أصلي وثيابي نجسة، ولا أستطيع أن أتوضأ؟! لكن إذا خرجت من المستشفى غسلت ثيابي وصليت، فمن قال لك: إنك ستخرج من المستشفى؟! فقد تموت ولا تخرج من المستشفى، ثم لو قدر أنك تخرج فكيف لك أن تترك الصلاة؟ ولهذا ينبغي لطلبة العلم إذا زاروا المرضى في المستشفى أن يبينوا لهم أنه يجب على المريض أن يصلي على حسب حاله، وما عجز عنه سقط، فإذا استطعت أن تتوضأ فتوضأ وإلا فتيمم، وإذا استطعت أن تغسل ثيابك فاغسلها، وإذا استطعت أن توجه السرير إلى القبلة فوجهه، وإن لم تستطع صل على حسب حالك، فقد قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عمران بن حصين: (صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب) وزاد النسائي: (فإن لم تستطع فمستلقي) والصحابة الذين أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات قبل أن يشرع التيمم في طلب عقد عائشة أدركتهم الصلاة ولم يشرع التيمم، فصلوا بغير ماء ولا تراب، فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وفاقد الطهورين -وهو الذي ليس عنده ماء ولا تراب كأن يكون مصلوباً على خشبة- إذا جاء وقت الصلاة فإنه يصلي ولو بغير وضوء وتيمم؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>