للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان ما حكاه الشافعي من إجماع الصحابة والتابعين على أن الإيمان قول وعمل ونية]

السؤال

يفسر بعض نابتة العصر ممن تكلم في الإجماع الذي حكاه الإمام الشافعي رحمه الله وهو قوله: كان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن أدركناهم يقولون: الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر، وقد نقله عنه شيخ الإسلام في كتابه الإيمان، فمرة يقولون عن هذا: إنه غير صحيح، ومرة يقولون: (لا يجزئ) أي: لا يكون كاملاً، ومرة يقولون: العمل المراد في كلام الشافعي عمل القلب، ويقولون: إن الإيمان الذي لابد منه الاعتقاد والقول، أما العمل ففرع، فلو عاش الإنسان دهره كله تاركاً للفرائض، فلا صلاة ولا صوم ولا زكاة ولا حج، وفاعلاً لما يستطيع من زنا وشرب وخمر وارتكاب الفواحش خلا الشرك، فإنه مؤمن معرض للوعيد مادام أنه يعتقد ويقول بلسانه، فآمل شرح قول الشافعي وتوضيحه؟

الجواب

كلام الشافعي واضح في نقله الإجماع عن الصحابة والتابعين والأئمة أن الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالقلب وعمل بالجوارح، وما نقله الإمام أبو عبيد من الآثار والنصوص من كتاب الله وسنة رسوله وأقوال العلماء وأقوال السلف وأقوال الصحابة واضح، ولكن طريقة أهل الزيغ -والعياذ بالله- التشكيك، فهم يريدون ألا تثبت الآثار والنصوص، فمرة يطعنون في النصوص، ومرة يطعنون في الآثار، ومرة يطعنون في أقوال العلماء، ومرة يطعنون في كتب أهل السنة، حتى إن بعض أهل الزيغ يقول: رسالة الإمام أحمد في الصلاة غير ثابتة، ورسالته في الرد على الزنادقة غير ثابتة، وما روي عن فلان عن فلان في كذا ليس بثابت، فهم لا يريدون أن تثبت حتى ينطلي زيغهم وانحرافهم على الناس، فتجدهم يشككون في كتب أهل العلم، وفي نسبتها إليهم، وكذلك في أقوال أهل العلم، وفي الإجماع، ويطعنون في الآثار وفي النصوص حتى ينطلي زيغهم وانحرافهم على الناس، وقول الإمام الشافعي رحمه الله واضح، وقد مر بنا كثيرٌ من كلام الإمام أبي عبيد رحمه الله في ذلك، فقد ذكر من النصوص ومن الآثار ومن كلام أهل العلم الكثير، فكيف يطعن فيها كلها؟! هب أنه لم يثبت واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو عشرة، فكيف ترد هذه النصوص الكثيرة؟! والنصوص الكثيرة لا يستطيع أحد أن يردها، ولو فرضنا أنه رد النصوص من السنة فكيف يرد نصوص القرآن الواضحة القطعية؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>