للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في قطع يد السارق في ربع دينار فأكثر]

قال: [حدثنا يحيى بن يحيى وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر - محمد بن يحيى العدني - واللفظ لـ يحيى قال ابن أبي عمر: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا سفيان بن عيينة - عن الزهري عن عمرة] وهي بنت عبد الرحمن الأنصارية المدنية تلميذة وخريجة عائشة رضي الله عنها، تروي عن أستاذتها عائشة بنت الصديق رضي الله عنها.

[قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع السارق في ربع دينار فصاعداً)].

أي: تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً.

يعني: لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام بنص صحيح أنه أقام الحد على من سرق أقل من ربع دينار، ولذلك شتان ما بين هذا النص وبين قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا) هذا الأسلوب يستلزم الحصر وهو من أساليب البيان عند اللغويين، قال: (لا يقطع إلا في ربع دينار) (لا) و (إلا) كما لو قلت: لا إله إلا الله، (لا) نفي لجميع الآلهة، (إلا) إثبات لإله واحد.

فقوله: (لا قطع إلا في ربع دينار) يستلزم أنه يحرم القطع في أقل من ربع دينار، فهذا أسلوب حصر لأدنى نصاب السرقة التي تستوجب الحد.

والذي يسرق البيضة الصغيرة يقال له: سارق.

والذي يسرق السواك الذي لا قيمة له يقال له: سارق، لكن لا يقام عليهما الحد؛ لأن هذه السرقة ليست في شيء ذي بال وليس لها كبير قيمة حتى في العرف، فالذي يسرق البيضة والذي يسرق السواك والذي يسرق الورقة الواحدة أو عدة أوراق أو غير ذلك من الأشياء التافهة إنما يعزر ولا يقام عليه الحد.

ولك أن تفهم من هذا الكلام: أن ما لم يبلغ النصاب فيه التعزير دون الحد.

قال: [وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا: أخبرنا عبد الرزاق -وهو ابن همام الصنعاني اليمني - قال: أخبرنا معمر -وهو ابن راشد البصري اليمني -.

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة -أي: عبد الله الكوفي - قال: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سليمان بن كثير - وهو أبو داود العبدي البصري - وإبراهيم بن سعد المدني كلهم يروون عن الزهري]-أي: معمر وسليمان بن كثير وإبراهيم بن سعد يروون عن الزهري قال: [بمثله في هذا الإسناد] أي: بمثل الحديث الماضي من قول عائشة: (كان النبي عليه الصلاة والسلام يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً).

تخبر بلسانها عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان عليه الصلاة والسلام يفعل كذا وكذا.

ولكن النص الذي سيأتي معنا هو نص من قوله عليه الصلاة والسلام، لا من قول أحد، ولا من قول زوجه حكاية عنه عليه الصلاة والسلام قولاً أو فعلاً.

قال: [وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى.

وحدثنا الوليد بن شجاع -واللفظ للوليد وحرملة - قالوا: حدثنا ابن وهب - عبد الله بن وهب المصري - أخبرني يونس عن ابن شهاب.

ويونس إذا كان بين ابن وهب وابن شهاب فإنه يونس بن يزيد الأيلي.

قال: [عن عروة وعمرة -أي عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن - عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال] يصير هذا الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام، بخلاف الحديث الأول فإنه حكاية عن النبي عليه الصلاة والسلام من لفظ عائشة رضي الله عنها.

[قال: (لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً)] بخلاف اللفظ الأول قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع السارق في ربع دينار فصاعداً) حكاية تحكيها عن النبي عليه الصلاة والسلام من فعله.

أما الحديث الذي معنا فإنه من قوله عليه الصلاة والسلام، كأنه يأمر الأمة فيقول: لا تقطعوا يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً.

أي: لا تقطعوا يد السارق إلا إذا سرق ربع دينار أو ما يوازيه ويساويه من الأشياء المتقيمة والمتمولة.

قال: [وحدثني أبو الطاهر وهارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى -واللفظ لـ هارون وأحمد - قال أبو الطاهر: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا ابن وهب -أخبرني مخرمة عن أبيه-] ومخرمة هو ابن ب