للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث استشارة عمر بن الخطاب الناس في ملاص المرأة]

قال: [وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لـ أبي بكر قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة قال: استشار عمر بن الخطاب الناس في ملاص المرأة].

هذا الإسناد مما استدركه الدارقطني على الإمام مسلم وقال: هو مما أخطأ فيه مسلم؛ لأن الصواب هو: عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر سأل الناس.

إلى آخر الحديث.

وقال الدارقطني: الصواب عدم ذكر المسور بن مخرمة، وإنما هو من طريق المغيرة بن شعبة وهو محفوظ للمغيرة.

وقال: وهذا الإسناد على جهة الخصوص هو من طريق هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر سأل الناس، فعلى هذا يكون هذا من المراسيل، أو الإسناد المنقطع؛ لأن عروة بن الزبير لم يدرك عمر؛ لأنه كان صغيراً، فليس لـ عروة رواية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

والإمام النووي دفع هذا القول للدارقطني وقال: هذا لا يصح.

والصواب: أن هشام بن عروة حفظ ذلك من طريق المسور بن مخرمة، ولا يستقيم الإسناد إلا بذكر المسور حتى لا يكون هناك انقطاع، وإن كان فإن هذا أمر لا يعنينا.

ولو رجعت إلى كتاب العلل للإمام الدارقطني ستجد كلاماً طويلاً جداً في إسناد هذا الحديث، أخذاً ورداً في هذا الإسناد.

والحقيقة أن كثيراً من الإخوة دائماً يكتبون لي رسائل فيها مسائل في الفقه تقول: عند شرحك للحديث تذكر الفوائد التي فيه، وليس هذا مجال التعمق في دراسة هذه المتون؛ لأن الدرس ليس درس فقه، ولا تشرح الأسانيد ولا تتكلم عن العلل وعن الرواة جرحاً وتعديلاً.

وهذا صحيح، فأنا فعلاً أفعل هذا، وذلك لأني لا أستوعب الكلام عن الإسناد، كما أني لا أغوص في شرح هذه النصوص، والعلة تكمن فيكم أنتم؛ لأننا لما فعلنا ذلك في مكان ما من الأماكن، وتكلمنا عن ثلاثة أسانيد أكثر من ثلاثة أشهر، نتكلم عن الرواة جرحاً وتعديلاً، ونتكلم عن العلل وغيرها، فأبى هؤلاء أن يحضروا بعد ذلك، وقالوا: لا حاجة لنا أن نسمع ساعتين كاملتين في ترجمة راوٍ واحد، فـ وكيع بن الجراح رجل ثقة ويكفي، وسفيان الثوري لا يحتاج إلى كلام، فإنه وسفيان بن عيينة كلاهما اتهما بالتدليس.

ولما يقول ابن منده: البخاري مدلس، فإننا نقف عند هذه العبارة وندفع قول من قالها أو اتهمه بتدليس، لكن لا بد أن ندفع هذه التهمة بأدلة وإلا فلا يصح دفعها، وهذا من باب حب البخاري، وإلا فالتأصيل العلمي لا يعرف للعاطفة سبيلاً.

[قال المسور بن مخرمة: استشار عمر بن الخطاب الناس في ملاص المرأة -والملاص هو الجنين الذي يسقط قبل أوانه- فقال المغيرة بن شعبة: (شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى فيه بغرة عبد أو أمة) فقال عمر: ائتني بمن يشهد معك، فشهد له محمد بن مسلمة].

يعني: شهد في مجلس عمر مع المغيرة بن شعبة أن النبي قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة.