للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب الغرة دية للجنين على العاقلة]

قال: (ومتى وجبت الغرة فهي على العاقلة لا على الجاني.

وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وسائر الكوفيين.

وقال مالك والبصريون: تجب على الجاني.

وقال الشافعي وآخرون: يلزم الجاني الكفارة.

وهي: صيام شهرين.

وقال بعضهم: لا كفارة عليه، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والله أعلم).

والدية التي هي الغرة تكون على العاقلة، واختلاف الفقهاء فيما يتعلق بأنها على الجانية نفسها لا على العاقلة، لأن مذهب الجمهور أن هذه المرأة لما ضربت الأخرى على بطنها فأسقطت جنينها ميتاً لم تكن تقصد القتل.

الجمهور قالوا: الأصل عدم توجه الإرادة والقصد إلى قتل الجنين، بل هي من العداوات التي تكون بين الضرائر، والقانون المصري يعتبر أن من ضرب شخصاً على ظهره فمات أن هذا قتل شبه عمد، وهذا من الإجرام، أنهم لم يعتبروه قتل خطأ وإنما قتل شبه عمد، وهذا بصراحة إجرام لا يمكن أن يكون هذا دين أبداً، هذا قتل خطأ، غير متعمد للقتل، ولم تتوجه الإرادة لقتله وإنما ضربه لينفعه فضره بذلك بغير قصد.

وحجتهم أنهم قالوا: كان ينبغي أنه يتوقع أنه سيموت من هذه الضربة، مثل المرأة لما تمسك فسطاط حديد أو تأتي بحجر وتضرب به ضرتها، لكن ربما لم تقصد أنها تضربها في بطنها، ربما أرادت أن تضربها في ظهرها فأدارت جسمها فوافق الحجر إليها فأصاب بطنها مع أنها قصدت أن تضربها في ظهرها، لكنها ابتداءً تعمدت وقوع الضرر والأذى، لكن قصدها ونيتها لم تنصرف إلى قتل الأم ولا إلى قتل الجنين، فكيف يتفق أن تكون هذه الصورة شبه عمد؟ ولذلك الذي يترجح هو المذهب الأول: أن المرأة التي ضربت ضرتها إنما قصدت إيقاع الضرر الذي يكون بين الضرائر لا أنها قصدت بضربها أن تسقط الجنين، أو أن تميته في بطنها.

والذي يترجح: أن هذا القتل الذي تم لهذا الجنين ونزل ميتاً إنما تجب فيه الدية، وديته على العاقلة؛ لأن القتل قتل خطأ، وليس كل ضرب بحديد أو بحجر يقصد الضارب إيقاع القتل به، لا يلزم منه ذلك، ولذلك قد ورد في طرق هذه الروايات أن الأم وجنينها قد ماتا، أما الأم فديتها كاملة وهي خمسين بعيراً، وتجب على العاقلة.

ومنهم من قال: بل تجب على الجانية.

أما الجنين فالقول الراجح فيه: أن دية الجنين على العاقلة؛ لأن الضارب أو الضاربة لم يقصدا إحداث الموت، وإزهاق الروح.

قال: (متى وجبت الغرة فهي على العاقلة لا على الجاني.

وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وسائر الكوفيين).