للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط كلمة التوحيد]

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد: في الدرس الماضي تكلمنا عن أهم ركن من أركان الإسلام، وهو شهادة التوحيد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله)، وتكلمنا عن معنى الشهادة، وأنها الركن الركين في أركان الإسلام، وأعلاها وأعظمها وأهمها، وأن من أتى بهذا الأصل ربما نفعه المقتضى، ومن أتى بدونه لم ينفعه المقتضى، ولا يصح عمل المرء وإن أتى بالطاعات والصالحات جميعاً حتى يدخل من هذا الباب الأساسي، وهو توحيد الله عز وجل.

وشروط توحيد الله عز وجل هي ما جاء في قول الناظم عليه رحمة الله: وبشروط سبعة قد قيدت وفي نصوص الوحي حقاً وردت فإنه لم ينتفع قائلها بالنطق إلا حيث يستكملها العلم واليقين والقبول والانقياد فادر ما أقول والصدق والإخلاص والمحبة وفقك الله لما أحبه هذه هي الشروط السبعة لقول لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الأول: العلم، والثاني: اليقين: والثالث: القبول، والرابع، الانقياد، والخامس: الصدق، والسادس: الإخلاص، والسابع: المحبة.

وقول الناظم هنا: (وبشروط سبعة قد قيدت)، أي: قولك لا إله إلا الله محمد رسول الله، مقيد بهذه الشروط السبعة، وقد جاء ذلك في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وفي قوله: (وفي نصوص الوحي حقاً وردت)، أي: هذه الشروط أتت في كتاب الله عز وجل، وفي سنة نبيه الصحيحة.

والدليل حتى يصح لابد أن يتوفر فيه شرطان: الشرط الأول: أن يكون هذا الدليل صحيحاً.

والشرط الثاني: أن يكون هذا الدليل صريحاً في المسألة، فإذا احتججت بحديث صحيح في غير بابه، فنقول: نعم، إن هذا الحديث صحيح، ولكنه لا يصلح للاحتجاج به في هذه المسألة؛ لأنه يتكلم في باب، والنزاع في باب آخر.

فالدليل حتى يصح الاحتجاج به لابد أن يكون صحيحاً وصريحاً في محل النزاع، فإذا احتججت بحديث ضعيف في محل النزاع، قلنا: إن هذا الحديث لا يقوى على حل النزاع حتى وإن كان صريحاً في المسألة، لأنه غير صحيح.

فالأدلة التي يجوز الاحتجاج بها لابد أن تكون صحيحة من جهة، وصريحة من جهة أخرى.

قال الناظم: (فإنه لم ينتفع قائلها)، أي: لم ينتفع المتلفظ والناطق بالشهادتين إلا باستكمال هذه الشروط، وباجتماعها في القائل وفي الناطق بها.

وقوله: (بالنطق إلا حيث يستكملها)، أي: إلا إذا اجتمعت فيه، واستكمل هذه الشروط السبعة.

ثم بدأ يعدد هذه الشروط، فقال: (العلم واليقين والقبول والانقياد فادر ما أقول)، أي: اسمع وأنصت إلى ما أقوله.

(والصدق والإخلاص والمحبة وفقك الله لما أحبه)، آمين.

فهذه الشروط السبعة لابد من توفرها فيمن وحد الله عز وجل، حتى يوحد الله عز وجل على علم وبصيرة وانقياد واستسلام وإخلاص ومحبة.