للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استحباب التكني للشخص ولو لم يكن له ولد]

وزهير بن حرب شيخ مسلم لم يكن له ولد يسمى خيثمة الذي تكنى به، وليس بلازم أن يكنى الرجل بولده، والمعلوم عند الكثير من الناس اليوم أنه لابد أن يكون للرجل ولد حتى يكنى به، ويا حبذا! لو كان ولده الأكبر، ولكن هذا ليس بلازم ولا بشرط، فالإمام زهير بن حرب لم يكن له ولد يسمى خيثمة حتى يقال: أبو خيثمة، بل للرجل والمرأة أن يكنيا أنفسهما حتى وإن لم يكن لهما ولد، وإن حرما الولد فيستحب للرجل والمرأة أن يتخذا لهما كنية، بل وأكثر من ذلك يستحب لك أن تكني أطفالك الصغار الذين لم يتزوجوا بعد، والذين لم يبلغوا أو يميزوا بعد، وقد روى النسائي من حديث أنس: أن أخاً له رضيع كان له نغير، وهو طائر صغير كالعصفور، وهو فوق العصفور ودون اليمامة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا زار أم سليم وأبا طلحة في بيتهما يداعب الأطفال ويلاعبهم.

وكان من خلقه صلى الله عليه وسلم أنه يمازح الأطفال ويقضي حاجتهم، حتى كانت الجارية الصغيرة في السن تأخذ بيده وتنطلق به في سكك المدينة حتى تقضي حاجتها، ولا ينصرف عنها حتى تنصرف عنه صلى الله عليه وسلم، وليس في هذا أيضاً جواز مصافحة النساء، لأن الجارية المقصود بها هنا هي التي لم تبلغ بعد، وأما المصافحة فحرام وأدلتها كثيرة في الصحيحين وغيرهما.

فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يزور أنساً أو أم سليم أو أبا طلحة في بيتهم كان يلاعب هذا الغلام أخو أنس من أمه أم سليم، وكان يقول له: (يا أبا عمير! ما فعل النغير؟) يعني: ما هي أخبارك مع العصفور، وهذا فيه مداعبة للأطفال، كما أن فيه أيضاً إثبات سنية واستحباب تكنية الأطفال؛ لأنه قال له: (يا أبا عمير!)، وهذا ليس اسم الغلام، وإنما هو كنية له كناه بها النبي صلى الله عليه وسلم، ونعم من كنى وسمى صلى الله عليه وسلم.

وفي الحديث أيضاً فوائد أخرى كثيرة، وقد صنف أحد القدامى في فوائد حديث أبي عمير، وذكر فيه أكثر من ستين فائدة، وهذا الجزء مطبوع متداول.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال لـ عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وهي زوجه وليس لها ولد منه: (يا عائش! تكني بابن أختك عبد الله).

وهو عبد الله بن الزبير ابن أسماء بنت أبي بكر الصديق، وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عائش! تكني بـ أم عبد الله).

فكانت كنية عائشة رضي الله عنها أم عبد الله.