للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع الهداية]

والهداية لها أنواع كثيرة، منها هداية عامة للكون جميعاً، وهي الهداية العامة، فقد خلق الله الكون وهداه إلى ما ينظم به حياته، قال الله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:١ - ٣].

وقال تعالى: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:٥٠].

والنوع الثاني من أنواع الهداية: هداية البيان والإرشاد والدلالة، فقد أنزل الله عز وجل الكتب وأرسل الرسل لتبين للناس وترشدهم، قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت:١٧]، أي: أما ثمود فبينا لهم وأرشدناهم ونصحناهم إلى طريق الهداية، وميزنا لهم بين الضلال والحق، ولكنهم تركوا الحق واختاروا الضلال.

وهداية البيان والإرشاد ثابتة للرسول صلى الله عليه وسلم كما أنها ثابتة لله عز وجل، كما قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:٥٢]، أي: إنك لتبين وترشد إلى الصراط المستقيم وإلى طريق الصالحين.

النوع الثالث من أنواع الهداية: هداية التوفيق، أي: توفيق العبد إلى طريق الهدى، فهذه الهداية متعلقة بإرادة الله عز وجل وحده، وليس لأحد فيها نصيب ولا حتى الأنبياء، فقال الله عز وجل: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [النحل:٩٣].

ومن هذه الهداية: تحبيب الإيمان وتزيينه في قلوب المؤمنين، وهذه الهداية منفية عن جميع الخلق حتى عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما قلت، قال الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:٥٦].

وهداية التوفيق متعلقة بالله عز وجل دون أحد من خلقه، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب.

وقال الله تعالى: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} [النحل:٣٧]، وهذا الكلام موجه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل:٣٧]، يعني: رغم حرصك يا محمد! صلى الله عليه وسلم على هداية هؤلاء فإن الله تعالى لا يهدي من كتب عليه الضلال، وعلم أنه سيختار الضلال في الأزل.

النوع الرابع من أنواع الهداية: هداية المؤمنين إلى الجنة والكافرين إلى النار، قال الله تعالى عن المؤمنين بعد دخولهم الجنة: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف:٤٣].

فهذا إقرار واعتراف بأن الهادي إلى الجنة هو الله عز وجل، قال: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:٤٣].