للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأدلة على تفرد الله تعالى بالألوهية]

والدليل على أن الله تعالى متفرد بالألوهية قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٢٥].

فالله تعالى واحد في ألوهيته.

وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:٣٦].

فالخلق إنما خلقوا لعبادة واحد فقط، وهو الله عز وجل، حتى تتعلق قلوبهم به تألهاً وتعظيماً وخوفاً ورجاء وتوكلاً ورغبة ورهبة، وحتى ينسلخوا عن كل شيء من الدنيا، والمخلوق لا بد أن يكون لخالقه قلباً وقالباً في كل شيء، وقد كانت دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى هذا الأمر الهام العظيم عبادة الله وحده لا شريك له، ولم يكن الرسل الذين أرسلهم الله عز وجل إلى البشر يدعون إلى توحيد الربوبية بالدرجة الأولى، وإنما يدعون إلى توحيد الألوهية؛ لأن منكري توحيد الربوبية قليلون جداً، مثل فرعون لما قال لموسى: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:٢٣].

ففرعون أثبت لنفسه الربوبية والألوهية، فقد قال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:٣٨].

وقال: ((وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ)).

وهذا كلام في معرض الإنكار على موسى عليه السلام.

أي: أتدعي يا موسى! أن هناك رباً غيري؟ وقال: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر:٣٦]، أي: من أجل أن أصعد وأنظر إلى إله موسى، {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر:٣٧]، أي: بل هو كذاب وضال.

وقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران:١٨].

فأول من شهد له بالألوهية هو الله عز وجل، فشهد الله أنه لا إله إلا هو، ثم ثنى بعد ذلك {وَالْمَلائِكَةُ} [آل عمران:١٨]، ثم قال: {وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران:١٨].

والقسط وهو: العدل، ولو ولم يكن لأهل العلم إلا هذه المنقبة لكفى.

والله عز وجل أثنى على أهل العلم فقال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر:٩]؟ وكلما ازداد الرجل علماً ازداد معرفة بخالقه ومولاه وإلهه، والعالم بالله عز وجل يعلم حقيقة ما يجب لله عز وجل، ولا شك أنه يفرق عن غيره من الزهاد وغيرهم.

ثم قرر الله عز وجل هذه الشهادة بقوله: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:١٨].

وهذا دليل واضح على أنه لا إله إلا الله عز وجل، وهذه الشهادة هي الشهادة الحق، وهي أعظم الشهادات.