للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خلق الملائكة وصفتهم]

الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

وبعد: فالإيمان بالملائكة وبالكتب وبالرسل وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره فرع عن الإيمان بالله عز وجل.

فإذا تكلمنا عن الإيمان بالملائكة فهذا يعني أننا نتكلم عن أحد فروع الإيمان بالله عز وجل؛ لأنا إذا أيقنا أن الملائكة رسل الله عز وجل استلزم هذا أن نؤمن بهم.

الملائكة: جمع ملأك بالهمز، أو جمع ملاك بالتسهيل، وأصل ملأك مألك بالتقديم والتأخير في الهمز؛ لأنه من الأَلُوكة أو الأَلْوَكة، والألوكة في اللغة هي الرسالة، قال الله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} [فاطر:١].

وهم عالم غيبي خلقهم الله عز وجل من نور، وجعلهم طائعين له متذللين، ولكل منهم وظائف خصه الله تبارك وتعالى بها، وقد خلقهم الله تبارك وتعالى من نور، وهذا مصداق ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها من أن المادة التي خلقوا منها هي النور، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم)، يعني: من طين من حمأ مسنون، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين لنا أي نور هذا الذي خلقوا منه.

ولذلك اختلفت الأقوال والآراء، هل هو من نور الصدر والذراعين، أو غير ذلك؟ فقد ورد عن ابن عمر وعطاء وغيرها، وهو غير صحيح عنهم، ولم يثبت عنهم ذلك.

ونحن علينا أن نؤمن بأن الله تبارك وتعالى خلق الملائكة من نور ونسكت، ولا نؤول هذا النور بغير دليل واضح في هذا الأمر.