للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا يفترون]

الملائكة لا يوصفون بالذكورة ولا الأنوثة، والمشركون هم الذين يذكرونهم بهذا أو ذاك، والخوض في هذا الغيب من أسباب ضلال بني آدم، وبعضهم يحاول إخضاع هذه العوامل لمقاييسه البشرية الدنيوية، وقد رأينا أحد هؤلاء يتعجب في مقال له في صحيفة منشورة من أن جبريل كان يصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ثوان من إرساله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتساءل كيف يأتي بهذه السرعة الخارقة، والضوء يحتاج إلى ملايين السنوات الضوئية ليصل إلينا بعضه؟ فهو أراد أن يطعن في سرعة الملائكة، ويقيسها على أكبر سرعة معلومة للعقل والعينين، وهو قياس فاسد.

والملائكة كذلك لا يأكلون ولا يشربون، ولذلك ورد في قصة الملائكة الذين أتوا إبراهيم عليه السلام: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} [هود:٧٠]، وهذا لما قرب إليهم العجل الحنيذ السمين.

وكذلك الملائكة لا يملون ولا يتعبون، وإنما يقومون بعبادة الله تبارك وتعالى وطاعته وتنفيذ أوامره بلا كلل ولا ملل، ولا يدركهم ما يدرك البشر من ذلك، قال الله تبارك وتعالى في وصفهم: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء:٢٠].

والفتور هو الملل والكسل، فهذا لا يلحق الملائكة ألبتة.

وقال تعالى في الآية الأخرى: {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت:٣٨].

ومعنى السأم أي: الملل، يقال: سئم شيئاً إذا مله.