للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفات الله تعالى المثبتة كلها صفات كمال]

والله تعالى جمع لنفسه فيما وصف به نفسه وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، والإثبات في الكتاب أكثر من النفي، فصفات الله عز وجل تنقسم إلى قسمين: صفات مثبتة، وصفات منفية، يعني: أثبت لنفسه صفات ونفى عن نفسه صفات، ولذلك أهل العلم يقولون: إن صفات الله تعالى إما صفات مثبتة، وإما صفات منفية -أو يقولون سلبية-، والسلب بمعنى النفي في اللغة، إلا أن النفي أحب إلى كثير من أهل العلم من لفظ السلب؛ لأن لفظ السلب فيه معنى الأخذ عنوة.

والصفات المنفية عن الله عز وجل صفات نقص، فصفات الله عز وجل قسمان: مثبتة ومنفية، فالصفات المثبتة: هي كل ما أثبته الله تعالى لنفسه، وكلها صفات كمال ليس فيها نقص بوجه من الوجوه.

ومن كمالها أنه لا يمكن أن يكون ما أثبته دالاً على التمثيل، فإذا أثبت الله تعالى لنفسه السمع دل ذلك على أن له مطلق السمع والسمع المطلق، بخلاف المخلوق فربما يكون سمع المخلوق معيباً، وربما يولد المخلوق لا سمع له ولا بصر له، فالصفات جائزة للمخلوق، كما أن وجود المخلوقين جائز، وأما وجود الخالق فواجب، وصفاته واجبة ولازمة له سبحانه وتعالى بكمالها وتمامها، ولا يلحقها عيب ولا نقص، وأما المخلوق فلما كان وجوده جائزاً كانت صفاته كذلك جائزة، فربما يولد سميعاً أو بدون سمع، وربما يولد سميعاً ويفقده بعد ذلك، وربما يستمر معه السمع.

فإثبات الصفات لله لا يستلزم مماثلة للمخلوق، وقد ضل أهل التحريف الذين زعموا أن الصفات المثبتة تستلزم التمثيل؛ لأن الإثبات عندهم يساوي التمثيل، فلما فروا من ذلك وقعوا في التعطيل، وأما أهل السنة فقد حفظ الله تعالى بهم الملة، وحفظ بهم ما يجوز وما يجب وما يستحيل لله عز وجل، فأثبتوا لله تعالى أسماءه وصفاته من غير غلو في الإثبات ومن غير تعطيل.